الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن يعتق بالملك هل يفتقر إلى حكم الحاكم؟]

                                                                                                                                                                                        وإذا كان الحكم العتق فإنه يختلف ، هل يكون حرا بنفس الملك أو بحكم ؟ فإذا كان بحكم هل له أن ينتزع ماله قبل العتق؟ فقال مالك في كتاب محمد : من ملك من يعتق عليه بالملك فهو حر مكانه قبل الحكم . وقال فيمن أبضع في أخ أن يشترى له فاشتري فهو حر مكانه ، وإن كان غائبا عنه قال : وإن أوصى أن يشترى بعد موته من يعتق عليه بالقرابة فلا يكون حرا حتى يعتق .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ : فأما الأبوان والولد فيحسن أن يكونوا أحرارا بنفس الملك للإجماع من فقهاء الأمصار -مالك وأبي حنيفة والشافعي- على عتقهم .

                                                                                                                                                                                        وأما الإخوة ومن بعدهم فلا يكونون أحرارا إلا بعد الحكم ، لقوة [ ص: 3814 ] الخلاف فيهم ، ولما روي عن مالك أنهم لا يعتقون ، ولأن الحديث المروي في ذلك لم يتفق على سنده .

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف فيهم في العتق بالثلث فقال ابن القاسم وابن عبد الحكم : لا يعتق إلا بالحكم .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في الدمياطية : كل ما اختلف فيه لا يعتق إلا بحكم . وإذا كان الوجه أنه لا يعتق إلا بحكم فإنه يختلف هل يكون له أن ينتزع ماله قبل الحكم .

                                                                                                                                                                                        وقد قال ابن نافع في المعتق إلى أجل : ينتزع ماله قبل الحكم وإن شارف العتق ، ومحمل القول في المبضع في شرائه أنه حر : أن له ذلك في القريب الغيبة ، فإن بعدت الغيبة لم يعتق لإمكان موت المبضع وانتقال الملك إلى غيره .

                                                                                                                                                                                        وقد قال ابن القاسم في الغائب يموت بعض ورثته ، فطلبت زوجة الغائب النفقة من ذلك الميراث : أن ليس ذلك لها إلا أن يعلم حياة زوجها . وأرى أن يؤرخ الوقت الذي اشتري فيه لينظر هل كان حيا أو ميتا؟

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية