باب في اللقيط يقر بالعبدية لرجل أو يدعي رجل أنه عبده 
وقال  ابن القاسم  في اللقيط يقر عند البلوغ أنه عبد لرجل   : أنه لا يقبل قوله . 
قال الشيخ - رضي الله عنه - : يعتبر اللقيط في أربع : الحرية ، والدين ، والنسب إن استلحقه رجل ، والولاء إذا لم يستلحق . 
فحمله على الحرية; لأنه الأصل في الناس والرق طارئ عليه ، ولأنه الغالب من البلدان أنهم أحرار والعبدية قليل ونادر ، والنادر لا حكم له ، فإن اعترف اللقيط لرجل بعد بلوغه أنه عبد له فعند ابن القاسم لم يقبل قوله . 
قال الشيخ : وأرى إن اعترف له بالعبدية أن ينتزع ماله ويستخدمه ولا يمكن من بيعه ، وإن قذفه أو جرحه حر لم يحد قاذفه ، ولم يقتص من جارحه ، وأخذ في ذلك بإقراره على نفسه . 
وإن أقام رجل شاهدين أنه عبده  استرقه . ويختلف إذا أقام شاهدا هل  [ ص: 3869 ] يحلف ويسترقه أو لا؟ وأن يحلف ويأخذه أحسن; لأن حمله على الحرية إنما كان لأنه الغالب لا لبينة شهدت له . 
وأما دينه ، فدين البلد الذي التقط فيه ، فإن كانوا مسلمين كان مسلما ، وإن كانوا نصارى كان على النصرانية ، وإن كانوا مسلمين ونصارى حمل أنه مسلم . 
قال  ابن القاسم  في كتاب تضمين الصناع : إلا أن يكون الذي في تلك القرية من المسلمين الاثنان والثلاث فيحمل على أنه نصراني . ولم يحمله على النصرانية إن كان الغالب النصارى احتياطا للإسلام ، وإلا فمن أصله أن الحكم للغالب . 
 ولأشهب  في كتاب محمد   : أنه مسلم وإن كان في قرية فيها نصارى . قال في غير كتاب محمد   : وإذا جعلته حرا حين لم أدر حر هو أم عبد فكذلك أجعله مسلما وإن لم أدر مسلم هو أو نصراني . 
وقول  ابن القاسم  أحسن; لأنه إنما جعله حرا لأنه الغالب من الناس ذلك فوجب أن يكون في الدين على الغالب من ذلك الموضع ، ولو قدر أن يوجد بمدينة كلها عبيد لم يحمل على أنه حر ، ولو رباه المسلم على دينه حتى عرف الإسلام حمل على الإسلام ولم ينقل عنه ، ولو التقط نصراني لقيطا في بلد  [ ص: 3870 ] المسلمين ورباه على دينه لم يترك على النصرانية إلا أن يبلغ على ذلك فيختلف فيه هل يقر على ذلك؟ . 
وأما نسبه ، فحمله على أنه ذو نسب وأنه لرشدة إلا أنه غير معروف ، فإن قال له رجل : لا أب لك ، أو : يا ولد زنى ، حد له . 
واختلف إذا استلحقه رجل ، فقال في كتاب أمهات الأولاد : لا يقبل قوله ولا يصدق إلا أن يكون لذلك وجه مثل : أن يكون رجل لا يعيش له ولد فيسمع قول الناس إنه إذا طرح عاش فيطرح ولده ، وقد كان سمع منه ما يستدل به على صدقه فيلحق به ، وإلا لم يلحق به إلا ببينة . 
قال  سحنون   : وقال غيره : لا يقبل قوله إلا ببينة . يريد : وإن كان ممن لا يعيش له ولد . 
قال محمد   : إن ادعاه غير ملتقطه قبل وإن بعد الدهر الطويل ويلحق به . 
وهذا أشبه بقول  مالك   وابن القاسم;  لأن من قولهما أن كل من ادعى ولدا واستلحقه وليس له أب معروف يقبل قوله إلا أن يتبين كذبه ، وإنما يصح ألا يصدق في اللقيط على القول في الاستلحاق : إلا أنه لا يقبل قوله ، إلا أن يثبت أن أمه كانت فراشا لمستلحقه بزوجية أو بملك يمين .  [ ص: 3871 ] 
				
						
						
