الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في إسقاط مشترط السلف شرطه]

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن باع عبدا بمائة دينار على أن يسلفه المشتري خمسين، أو أسلف هو المشتري خمسين، فقال مالك وابن القاسم: إن كان العبد قائما فسخ البيع إلا أن يسقط من اشترط السلف منهما فيمضي البيع بالمائة، وإن فات العبد وكان السلف من المشتري، كان للبائع الأكثر من القيمة أو الثمن فله القيمة ما لم ينقص من المائة، وإن كان السلف من البائع، كان على المشتري الأقل من القيمة ما لم يزد على المائة.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان السلف من المشتري وقيمة العبد مئتان، فقال ابن القاسم: له أن يأخذ القيمة، وقال أصبغ: لا يزاد على المائة والخمسين؛ لأن المشتري يقول: إنما فسد البيع لكون الخمسين سلفا، فأنا أجعلها لك ملكا فيسقط الفساد. وكذلك إذا كان السلف من البائع وقيمته أربعون، فعلى قول [ ص: 4200 ] ابن القاسم لا يزاد على أربعين، وعلى قول أصبغ لا يحط عن الخمسين، وقال أصبغ: ومن نكح على دنانير وثمرة فأسقطت الثمرة، أو عجل الزوج قيمة الثمرة لو صلحت للبيع، جاز النكاح.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: إنما يثبت البيع إذا سقط السلف قبل القبض، فإن قبض وانتفع به فقد تم الربا بينهما.

                                                                                                                                                                                        يريد فيجبر على رد السلعة إن كانت قائمة أو قيمتها إن كانت فائتة، قلت قيمتها أو كثرت، وهو أشبه، وإن لم ينظر في ذلك حتى تم الأجل الذي تسلف إليه كان أبين، ولا يكون على المشتري إن كان هو المستسلف سوى القيمة وإن كانت تسعين؛ لأن البائع قد استوفى جميع الربا، ولم يبق له شيء يسقطه ليأخذ الثمن، وكذلك إذا كان السلف من البائع، والقيمة أكثر من المائة له أن يأخذ جميع القيمة؛ لأن المشتري قد قبض جميع المنفعة التي شرط. [ ص: 4201 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن نافع في شرح ابن مزين فيمن أخذ قراضا على شرط فاسد: إنه إنما يصح إسقاط الشرط إذا لم يعمل في القراض. فعلى قوله لا يصح البيع إن أسقط السلف بعد فوت السلعة، وإن لم يقبض السلف؛ لأن السلعة فاتت قبل إسقاطه على بيع فاسد، وإنما عمرت ذمة المشتري فيها، وقيل: البيع فاسد يوم فاتت بالقيمة.

                                                                                                                                                                                        وقيل: البيع فاسد بمنزلة من باع عبدا بمائة دينار وخمر، فإن البيع على المشهور من المذهب ينتقض وإن أسقط الخمر؛ لأن الربا يقابل بعض السلعة كما يقابلها الخمر، ولا فرق بين الربا والخمر، وهذا أقيس، وإن كان الأول أشهر.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية