الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في أوجه شرط البائع العتق على المشتري]

                                                                                                                                                                                        شرط البائع العتق على المشتري على أربعة أوجه: فإما أن يبيعه على أنه حر، أو على أن يعتقه وأوجبا ذلك، أو على أن المشتري بالخيار في العتق، أو يشترط العتق ولا يقيده بإيجاب ولا خيار، وأي ذلك كان فإن البيع جائز، وإنما يفترق الجواب في صفة وقوع العتق، وفي شرط النقد، فإن باعه على أنه حر كان [ ص: 4239 ] حرا بنفس البيع، وإن كان الشرط على أن يعتقه والتزم ذلك، وأجبر على أن يوقع العتق، فإن لد أعتقه الحاكم عليه، وإن كان بالخيار بغير نقد جاز ذلك البيع، وإن اشترط النقد لم يجز، للغرر، ولأنه تارة بيع وتارة سلف.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا اشترط العتق مطلقا من غير تقييد بإيجاب ولا خيار، فقال ابن القاسم: له ألا يعتق، وقال أشهب يلزمه، وبه أخذ سحنون.

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن؛ لأنه شرط جائز قارن البيع فيجب الوفاء به، ولأن الثمن يحط لأجله فأشبه غيره من المعاوضة الجائزة، ثم لا يخلو العبد إذا شرط الخيار أو كان ذلك الحكم على قول ابن القاسم من أن يكون قائم العين، ولم يتغير في نفسه ولا سوقه، أو هلك أو حدث به عيب أو حال سوقه أو كانت أمة فكان يصيبها أو يستخدمها.

                                                                                                                                                                                        فإن مات العبد بقرب البيع كانت مصيبته من المشتري؛ لأنه على القبول حتى يرد، ولا مقال للبائع عليه، وكذلك إذا مات بعد تراخ والبائع عالم أنه لم يعتق، فإن لم يعلم رجع عليه بما ترك لمكان الشرط، وإن حدث عيب بقرب البيع، كان للمشتري أن يعتقه معيبا ولا شيء للبائع، أو لا يعتقه ويغرم ما حط لمكان الشرط، وكذلك إذا حدث العيب بعد تراخي الشهر ونحوه وهو عالم، وإن لم يعلم كان البائع بالخيار بين أن يرضى بعتقه معيبا ولا شيء له، أو يأخذه بما حط لمكان الشرط، وكذلك إذا لم يرض المشتري بعتقه معيبا فللبائع ما حط لمكان الشرط.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا حال سوقه بعد تراخي ذلك القدر، فقال محمد: إذا حبس [ ص: 4240 ] العبد يستخدمه، أو كانت أمة فوطئها، أو حال سوقه، أو مات المشتري، رجع البائع بما كان وضع من الثمن لشرط العتق. قال: وإن كان ذلك كله بعلم البائع ورضاه فلا شيء له، وقد سقط الشرط عن المشتري.

                                                                                                                                                                                        قال أصبغ في العتبية: أما حوالة الأسواق وما خف من زيادة البدن ونقصانه، فالمبتاع مخير بين أن يعتق ولا شيء للبائع أو يرد، وإن أحب ألا يعتق ويغرم الأكثر فله أن يغرم الأكثر ويعتقه عن واجب، أو يغرم الثمن ويعتقه بالشرط، ولا أرى للبائع مقالا في فوت المشتري؛ لأن ورثته مكانه فإن أعتقوا سقط مقال البائع، وكذلك الاستخدام ليس بفوت؛ لأنه وإن تعدى في الاستخدام فالعين على حالها، فإن أعتق فقد وفى بالشرط، والوطء أثقل ولا يفيت.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد: إذا طال ذلك مثل السنة ثم أعتقه، كان عليه بقيمة الثمن، وإن أعتقه عن ظهاره أجزأه، قال: وكذلك بعد شهر وبعد أن حدث به عيب يجزئه عن ظهاره. يريد: إذا كان العيب مما يجزئ في الواجب.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية