الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الرجل إذا أعرى رجلا عرية حوائط شتى مرة أو مرة بعد أخرى، وفي الرجل إذا أعرى جماعة في مرة واحدة]

                                                                                                                                                                                        وإذا أعرى رجل رجلا عرية في حوائط شتى، وهي في بلد واحد أو بلدان مفترقة، في مرة واحدة أو مرة بعد أخرى،لم يجز له أن يشتري من جميعها إلا دون خمسة أوسق، كالعرية الواحدة من الحائط الواحد.

                                                                                                                                                                                        وإن أعرى رجل واحد جماعة في مرة واحدة، جاز أن يشتري جميعها، إذا كان الذي ينوب كل واحد دون خمسة أوسق، ويجوز له أن يشتري نصيب [ ص: 4295 ] أحدهما، إذا أراد المعروف أو رفع المضرة؛ لأنه يصح في الوجهين جميعا؛ لأن المضرة ترتفع عن المعري من دخول هذا وخروجه، وقد يتأذى بواحد دون أصحابه. وإن أعرى جماعة رجلا واحدا بعض حائط، فكانت عرية كل واحد دون خمسة أوسق، جاز لجميعهم شراء تلك العرية.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يجوز ذلك لبعضهم؟ فأجازه ابن القاسم في المدونة، ومنعه ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب قال: لأن المعري يدخل لبعض حقه، كما يدخل له كله، يريد أنه لا يرفع بذلك مضرة. والأول أحسن وأنه لا يمنع إذا قصد المعروف، وقد تنوزع في المسألة الأولى، فقال الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمن: إن أعرى رجل رجلا واحدا من حوائط شتى، لم يجز أن يشتري من تلك الحوائط، أكثر من خمسة أوسق. وقد وقف فيها مالك إذا أعرى ناسا شتى في غير المدونة.

                                                                                                                                                                                        وقال الشيخ أبو الحسن: يجوز له أن يشتري خمسة أوسق من كل حائط بخرصها، أعرى تلك الحوائط لرجل واحد، أو لرجال. قال: وبلغني عن الشيخ أبي محمد بن أبي زيد أنه قال: إن أعرى تلك الحوائط لرجل واحد فلا يشتري من جميع الحوائط بالخرص، إلا خمسة أوسق. وقال أبو القاسم ابن [ ص: 4296 ] الكاتب: إن أعرى ذلك لرجل واحد في لفظ واحد فهي عرية واحدة، فلا يشتري من جميع الحوائط بخرصها، إلا خمسة أوسق، وإن كان أعرى ذلك شيئا بعد شيء، فله أن يشتري من كل حائط خمسة أوسق.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: والقول الأول أصوب والأصل المنع، والإباحة وردت مقصورة، فلا يجوزن ذلك إلا ما اشتمل عليه.

                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا مات المعري أو فلس قبل أن يقبض العرية]

                                                                                                                                                                                        وإذا مات المعري أو فلس، قبل أن يقبض العرية بطلت، وسواء طلع فيها شيء أو لم يطلع، وإن قبضت الأصول بعد أن طلعت الثمرة صحت.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قبضت الأصول ولم تطلع ثمرة، فقيل: لا تصح؛ لأن المعرى وهي الثمار لم تقبض، وليس الأصول المعطاة، وقيل: تصح؛ لأن الذي يبطلها التهم، وأن يكون القصد بقاءها، وأن لا يمكن منها، وقد علم أن ذلك لم يكن لأجل التهمة. [ ص: 4297 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية