الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في المشتري يستغل ثم يبيع مرابحة، وكيف بما حدث أو تغير المبيع أو حال سوقه وفي بيع المساومة

                                                                                                                                                                                        وإذا استغل المشتري النخل أو العبد أو الدابة أو الدار، ولم يتغير كانت الغلة له، وله أن يبيع ولا يبين، وقد تقدم ذكر النفقة على العبد إذا كانت أكثر من الغلة أو أقل، وكذلك النخل إن كانت الغلة أكثر من النفقة كانت له ولم يحسب نفقة، وإن كانت النفقة أكثر حسب له الفضل، وإن أنفق ثم باع مرابحة قبل أن يغتل -حسب له النفقة في السقي والعلاج، فإن كانت شاة فاحتلب لبنها أو جز صوفها، أو كانت حاملا فولدت، أو ولدت بحمل حدث- كان اللبن غلة يبيع ولا يبين.

                                                                                                                                                                                        وأما الصوف فإن كان عليها يوم اشترى كان بمنزلة من اشترى سلعتين، فأمسك إحداهما وباع الأخرى على جميع الثمن، فهي مسألة كذب فإن حط البائع ما ينوب الصوف لزم المشتري، وإن حدث الصوف عند المشتري ثم جزه لم يكن للمشتري مقال لأجل الصوف، وإنما ينظر إلى انتقال سنها، فإن كانت جذعة فصارت ثنية كان له أن لا يبين; لأنها انتقلت إلى أفضل، إذا لم تتغير في السوق بنقص ولا كانت تعرض فبارت، وإن كانت رباعية فهرمت كان عليه أن يبين.

                                                                                                                                                                                        وقال: إذا ولدت الغنم والجارية لم يبع مرابحة حتى يبين، وسواء حبس [ ص: 4589 ] أولادهما أو ضمهما معها. ولم يذكر هل حملت بعد الشراء أو كانت حوامل.

                                                                                                                                                                                        وأرى إذا كانت حوامل في حين الشراء أو قريبة الوضع، فضم أولادها إليها أن يبيع ولا يبين; لأن ذلك زيادة، ومعلوم أن المشتري لا يكره ذلك، وهو في الأمة أبين; لأنها تباع أولا بالبخس لما يخشى عليها من الموت.

                                                                                                                                                                                        وإن حملت بعد الشراء أو كانت حوامل وبعيدة الوضع- كان الجواب في الغنم على ما تقدم أن المشتري لا يكره ذلك، وأن الولد زيادة، وإنما يعتبر طول العهد بالشراء وانتقال سنها، فإن لم يتغير السوق بنقص ولا كان يعرضها فبارت وانتقل سنها إلى ما هو أفضل- باع ولم يبين، وإن انتقلت سنها إلى أبخس كان عليه أن يبين.

                                                                                                                                                                                        وأما الجارية تحمل بعد الشراء فإنه عيب وعليه أن يبين، وإن كانت حاملا بعيدة الوضع فوضعت لم يراع عمرها; لأن مثل ذلك لا يتحسس إليه في الأمة، ويراعى تغير سوقها، وهل بارت عليه؟

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية