الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في من اشترى دابة فسافر عليها، أو ثوبا فلبسه، أو جارية فأصابها أو زوجها، ثم باع مرابحة

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في من اشترى دابة فسافر عليها أو ثوبا فلبسه: لم يبع مرابحة حتى يبين. يربد: لأن السفر واللباس ينقص، ولو ركبها في غير سفر الشيء الخفيف لم يبين، وكذلك اللباس إن كان نقص الشيء اليسير لم يبين أيضا، وإن كان أكثر من ذلك وما يرى أن المشتري يكرهه إذا علم به فليبين، فإن كانت جارية فأصابها لم يبين إن كانت ثيبا، وإن كانت بكرا من العلي بين; لأنه ينقص من ثمنها، وأما الوخش فيسأل عنها التجار، فإن كان لا ينقص ولا ثمن لعذرتها عندهم- لم يبين، وإن كان ينقصها بين.

                                                                                                                                                                                        وإن زوجها لم يبع مرابحة إلا أن يبين أن لها زوجا، وأنها زوجت بعد الشراء، فإن كتمه الزوج كانت مسألة عيب، وإن بينه ولم يبين أنه زوجها بعد الشراء- كانت مسألة كذب، فتفيتها في الوجه الأول العيوب، ويكون بالخيار بين أن يمسك ويرجع بعيب التزويج، أو يرد ويرد ما نقص العيب عنده.

                                                                                                                                                                                        وإن بين الزوج ولم يبين أنها زوجت بعد الشراء كانت مسألة كذب، [ ص: 4617 ] فيختلف هل تفيتها حوالة الأسواق؟

                                                                                                                                                                                        وتستوي بعد الفوت في العيب والكذب في الصفة التي تقوم عليها، فينظر كم قيمتها على أن لا زوج لها، وعلى أنها ذات زوج، فإن كانت الأولى عشرة والثانية ثمانية- كان الذي ينوب العيب أو الكذب الخمس، فإن كتم الزوج حط الخمس حكما; لأنه عيب، وإن بينه وكتم حدوثه عنده خير البائع بين أن يحط ذلك، وإلا أعطى القيمة، وهي الثمانية، وهذا إذا كان الثمن في الأصل أقل من عشرة، وإن كان عشرة فأكثر- كان حط الخمس وربحه للبائع أفضل; لأن الثمانية- التي هي القيمة- لا يضرب لها ربح، وإن كان الثمن عشرة كان لها ربح.

                                                                                                                                                                                        وإن لم يتغير سوق الجارية من يوم بيعت أولا إلى البيع الثاني- لم يكن في المسألة سوى ذلك، وكذلك إن تغير بزيادة، ولم يطل مكثها، وإن تغير بنقص ولم يطل مكثها- كان ذلك النقص في معنى الكذب عند ابن سحنون.

                                                                                                                                                                                        فإن كتم الزوج كان قد اجتمع في المسألة عيب وكذب، وإن بينه ولم يبين أنه الزوج كان الكذب من وجهين: من الزوج، ومن نقص السوق، فتقوم يوم الشراء الأول كم قيمتها على أن لا زوج لها؟ وعلى أنها ذات زوج على نقص ما صار إليه السوق، فالذي بينهما يحط حكما على أحد القولين، وعلى القول الأخير يخير بين أن يحط ذلك، أو يعطي القيمة حسبما تقدم، وإنما قومت أول [ ص: 4618 ] قيمتين; لأنه إذا لم يتغير السوق كانت قيمتها يوم الشراء الأول تغني عن القيمة يوم البيع أخيرا.

                                                                                                                                                                                        وإن طال مكثها وكتم الزوج كان عيبا وغشا، وإن بينه كان كذبا وغشا، وإن اجتمع الطول ونقص السوق وكتمان الزوج كان غشا وكذبا وعيبا.

                                                                                                                                                                                        تم كتاب المرابحة

                                                                                                                                                                                        بعون الله وتأييده وإحسانه

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية