الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        وبناء المساجد على وجهين: واجب، ومندوب إليه.

                                                                                                                                                                                        فيجب في كل بلد أو قرية لا مسجد فيها; ليجتمع الناس إليه للصلاة، ولا يجوز أن يتمالأ على ترك الجماعة; لأن في ذلك تضييعا للصلوات، وإن كان يجب على مثلهم الجمعة فذلك أبين. وإن كان البلد واسعا وشق على من بعد من الجامع الوصول إليه - كان بناء المسجد في تلك المحلة مندوبا إليه; لأن إقامة الجماعة ليست على الأعيان، وذلك سنة أو فرض على الكفاية، وذلك يسقط بناء الجامع.

                                                                                                                                                                                        وتعظم حرمتها وتجنب النجاسات والأقذار واللعب والصبيان والمجانين ورفع الأصوات والخصوم والخوض في الباطل والبيع والشراء.

                                                                                                                                                                                        ولا تسل فيه السيوف، ولا تنشد فيه ضالة إلا أن يجلس إلى قوم فيسألهم، وقد تقدم ذكر دخول الجنب والحائض. وفي مختصر ما ليس في المختصر قال: ويجب على من رأى في ثوبه دما كثيرا في الصلاة أن يخرج عن المسجد ولا يخلعه فيه. قال: وقد قيل: يخلعه فيه ويتركه بين يديه ويخمر الدم، أي: يغطيه.

                                                                                                                                                                                        ولا يبصق في جدار المسجد ولا على ظهر الحصباء ولا على الحصير، ولا بأس بذلك إذا واراه أو كان تحت الحصير، وينبغي أن يخلق، ويجمر; للحديث . ويجنب الروائح المكروهة. [ ص: 410 ]

                                                                                                                                                                                        ومن أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أخرج من المسجد; لحق المسجد والمصلين والملائكة.

                                                                                                                                                                                        فحق المسجد لقول الله -عز وجل-: في بيوت أذن الله أن ترفع [النور: 36]

                                                                                                                                                                                        وحق المصلين لقوله - صلى الله عليه وسلم - وقد وجد ريح ثوم: " من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا يؤذينا بريحه" .

                                                                                                                                                                                        وحق الملائكة لحديث جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من أكل من البصل والكراث والثوم فلا يقربن مسجدنا; فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" أخرجه مسلم .

                                                                                                                                                                                        ولا يجوز حدث الريح فيه، وإن كان مخليا; لحرمة المسجد والملائكة، ولحديث أبي هريرة: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث. قيل: وما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط" .

                                                                                                                                                                                        ولا ينام في المسجد لهذا المعنى إلا لضرورة، قال مالك: للضيف أو لمن لا [ ص: 411 ] بيت له .

                                                                                                                                                                                        ومحمل ما كان من النوم اختيارا قبل هذه الأحاديث.

                                                                                                                                                                                        وكذلك ما روي من لعب الحبش في العيد في المسجد فمنسوخ بالآية وبالحديث.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: ولا تقتل في المسجد قملة ولا يلقيها فيه حية، وأما البراغيث فإنها من دواب الأرض فلا بأس أن تطرح فيه حية .

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا: أكره قتل ما كثر من القمل والبراغيث، وأستخف ما قل من ذلك .

                                                                                                                                                                                        ويجوز قتل العقرب والفأرة في المسجد لأذاهما، ولأنه يجوز للحل قتلهما في الحرم وفي المسجد الحرام ويجوز قتلهما لمن كان في الصلاة، وقتل الغراب والحدأة في الصلاة أثقل، وإن فعل لم تفسد الصلاة، وفي كتاب مسلم عن ابن عمر قال: " أخبرتني إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والغراب والحدأة والحية. قال: وفي الصلاة أيضا" . [ ص: 412 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية