الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في اختلاف المتفاوضين والشريكين والشهادة في ذلك

                                                                                                                                                                                        ومن "المدونة" قال ابن القاسم فيمن أقام البينة على رجل أنه مفاوضه: كان جميع ما في يدي الذي قامت عليه البينة بينهما، إلا ما أقام البينة عليه أنه ورثه أو وهب له أو كان له قبل المفاوضة، وأنه لم يفاوض عليه.

                                                                                                                                                                                        وهذا إذا أنكر الآخر المفاوضة. ولو أقر واختلفا في الأجزاء، فقال أحدهما: نصفين. وقال الآخر: لك الثلث ولي الثلثان; لاقتسما السدس على أصله نصفين; لأن المفاوضة تقتضي كون أيديهما على جميع أملاكهما وتصرف كل واحد منهما فيه مع إمكان أن يكون ذلك نصفين أو الثلث أو الثلثين، ولأنهما لو تفاوضا في جميع أملاكهما على مثل ذلك من اختلاف الجزء، لقيل: هما متفاوضان، إلا أن يكون قوم لا يوقعان المفاوضة إلا على ما استوت أجزاؤه. [ ص: 4834 ]

                                                                                                                                                                                        ولو أقام رجل البينة على رجل أنه شريكه، لم يقض بالشركة في جميع أملاكهما; لأن ذلك يقع على بعض المال وعلى جميعه.

                                                                                                                                                                                        ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر أنه شريك فلان في القليل والكثير، كانا كالمتفاوضين في كل ما في أيديهما، إلا أنه لا يجوز إقرار أحدهما على الآخر بالدين ولا بالوديعة ولم يتقاررا أنهما شريكان في التجارة، كان ما بأيديهما من التجارات بينهما، ولا يدخل في ذلك مسكن ولا خادم ولا طعام. وإن قال أحدهما: هذا الذي في يدي ليس من الشركة إنما أصبته من ميراث أو جائزة أو هو بضاعة لرجل أو وديعة، صدق مع يمينه، إلا أن يقيم الآخر بينة أنه من الشركة، أو أنه كان في يديه يوم أقر، فإن أقر أنه كان في يديه يوم أقر بالشركة، كان بينهما; لأن العين من التجارة، ولو كان بيده متاع من متاع التجارة، وقال: ليس هو منها ولم يزل في يدي قبل الشركة، كان بينهما ولم يصدق.

                                                                                                                                                                                        قال: وإن قال: فلان شريكي ولم يزد، ثم قال: إنما عنيت في هذه الدار أو الخادم، صدق مع يمينه. وإن قال: شريكي في متاع كذا، صدق. وإن قال: في كل تجارة، وقال الآخر: فيما بين يديك ولست شريكي فيما في يدي صدق مع يمينه. وإن قال في حانوت في يديه: فلان شريكي فيما فيه، ثم أدخل فيه [ ص: 4835 ] عدلين رضيا، فقال: ليس هو من الشركة، وقال الآخر: قد كان في الحانوت يوم إقراره، كان القول قول من قال إنه كان فيه، إلا أن يقيم الآخر البينة أنه لم يكن فيه يومئذ.

                                                                                                                                                                                        قال: وقال سحنون أيضا وأشهب: لا يكون بينهما ويصدق من قال: إنه قال: أدخله بعد الإقرار; لأن ما في الحانوت غير معلوم. [ ص: 4836 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية