الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في إجارة الطبيب]

                                                                                                                                                                                        عمل الطبيب على الإجارة جائز إذا ضرب أجلا، فإن برئ قبل تمامه كان له من الأجر بحسابه، وإن تم الأجل استحق الأجر، برئ عند انقضاء [ ص: 4961 ] الأجل أو لم يبرأ. ولا يشترط النقد؛ لإمكان أن يبرأ في بعض الأجل، ولا بأس أن يشترط من النقد ما الغالب أنه لا يبرأ قبله.

                                                                                                                                                                                        واختلف في عمله على الجعالة. فقيل: جائز. وقال أبو القاسم ابن الجلاب: قد قيل إنه لا يجوز إلا إلى أجل. والمعروف في غير المسألة الجواز. والمعروف في الأصل المنع; لأن فيه ثلاثة أوجه تمنع الجواز للجعل:

                                                                                                                                                                                        أحدها: أن يكون مما يطول ويشغل، فقد يكون عليلا الأشهر.

                                                                                                                                                                                        والثاني: أنه فيما يملك، وقد قالوا في الجعل في حفر البئر لا يجوز في أرض يملكها الجاعل.

                                                                                                                                                                                        والثالث: أن المجعول له وهو الطبيب بالخيار بعد العمل بين التمادي أو الترك، فقد يترك في نصف البرء أو بعد أن أشرف على البرء، فيكون قد انتفع العليل بذلك القدر من ذهاب علته ولا يدفع شيئا.

                                                                                                                                                                                        ويختلف بعد القول بالجواز، إذا ترك قبل البرء فجعل لآخر جعلا فبرئ، هل يكون للأول بقدر ما انتفع من عمله أو لا شيء له؟ وهذا قياس على المساقاة إذا عجز قبل تمام العمل. فقال مالك: لا شيء له فإذا لم يكن له [ ص: 4962 ] شيء مع العجز كان من ترك التمام اختيارا أولى أن لا شيء له. ولا يجوز اشتراط النقد إذا دخل على وجه الجعل.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا تطوع بذلك، فقال أشهب في "كتاب محمد": لا خير فيه.

                                                                                                                                                                                        ومنع النقد لما كان العامل بالخيار فيصير بمنزلة من ابتدأ أخذ منافع من دين. وقيل: لا يكون كمبتدئ الأخذ إلا أن يختار الترك ثم يعود إلى العمل.

                                                                                                                                                                                        ويجوز أن يكون الدواء من عند الطبيب، فقال مالك في "شرح ابن مزين" في الطبيب يؤاجر على العلاج، فيقول: إن برئت فلك عشرة دراهم وإن لم أبرأ فلك ثمن أدويتك. قال: إن هذا من شرطين في بيع. قال: وإنما تجوز المجاعلة على أنه إن برئ فله، وإن لم يبرأ فلا شيء له. فأجاز الجعل وإن كان الدواء من عند الطبيب، وكذلك الجعل على الآبق إن وجد العبد أنفق عليه وكان له الجعل دون النفقة، وقد تكثر النفقة أو يأبق العبد قرب المدينة فلا يكون له شيء. [ ص: 4963 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية