الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل فيما إذا أكترى كل سنة بدينار ولم يسم عدد السنين

                                                                                                                                                                                        وإن اكترى كل سنة بدينار ولم يسم عدد السنين; كان كل واحد منهما بالخيار ما لم يحرث أو يقلبها في السنة، فيلزمه في تلك السنة، ثم هما بالخيار في الثانية ما لم يشرع في العمل، وإن زرعها المكتري لم يجز لصاحب الأرض أن يشتري ذلك الزرع على البقاء وإن كان في أرضه، ويدخله بيع الزرع قبل بدو صلاحه.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إن باع المكري الأرض لم يجز للمشتري أن يشتري ذلك الزرع، وليس بمنزلة الأرض والزرع لمالك واحد، فيبيع الأرض ثم يبيع الزرع من مشتري الأرض. فقيل: يجوز لأنه يلحقه بالعقد الأول ويصير كأنه بيع واحد. [ ص: 5108 ]

                                                                                                                                                                                        وقيل: لا يجوز لأن العقد الأول قد انبرم ولا يصح إلحاقه. وقيل: يجوز إن قرب ولا يجوز إن بعد. وقيل: لا يجوز وإن قرب. وهو أحسن، فإن بعد ما بينهما لم يجز، والقول بالمنع وإن قرب أصوب; لأن البيع الأول قد انعقد حقيقة، والعقد الثاني منفرد لا يصلح دخول فيه.

                                                                                                                                                                                        ولو وهب الأرض، لم يجز لمن وهبت له أن يشتري ذلك الزرع، ولا يلحق البيع بالهبة فيصير كأنه وهب الجميع.. وإن جهل مكري الأرض فاشترى ما فيها من الزرع فلم ينظر في ذلك حتى تغير بنماء أو أصابته عاهة، لكان نماؤه وهلاكه من زارعه وإن كان سقيه على مشتريه; لأن سقيه عليه بالحق المتقدم بعقد الكراء، وشراء صاحب الأرض فيه بمنزلة شراء الأجنبي.

                                                                                                                                                                                        وكذلك قول ابن القاسم في العرية يشتريها المعري: إن الجائحة من المعرى وإن كان السقي على صاحب النخل; لأنه يقول: أنا أسقي بالحق الأول الذي تقدم وجوبه علي بالعرية، وشرائي فيها بمنزلة لو اشتراها أجنبي.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية