الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الجمال أو المكتري يهرب

                                                                                                                                                                                        ومن أكرى إبلا بعينها ثم تركها وغاب، كان للمكتري أن يستعملها فيما اكتراها له في حضر أو سفر من غير حاكم.

                                                                                                                                                                                        وأما النفقة عليها، فإنه يرجع إلى الحاكم ليحكم بالواجب في ذلك من مال المكري إن خلف مالا، وإن كانت تحتاج إلى سائق ومن يحفظها استؤجر لها. فإن لم يخلف مالا كان المكتري بالخيار بين: أن ينفق ويرجع على ذمة المكري؛ لأنه موسر بالإبل، أو يباع لذلك أحدها ويسقط كراؤها.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الكراء على راحلة واحدة كان بالخيار بين: أن يسلفه وتباع له إذا بلغ، أو يفسخ عنه الكراء. فإن غاب بالإبل كان مقال المكتري في الفسخ لا في الخلف؛ لأنها معينة.

                                                                                                                                                                                        والفسخ على ثلاثة أوجه: فقسم ينفسخ من غير حكم، وقسم يفتقر إلى حكم، وقسم يختلف فيه.

                                                                                                                                                                                        فإن كان الكراء شهرا بعينه انفسخ بمضيه من غير حاكم، وإن كانت [ ص: 5211 ] مدة غير معينة، ولم يفت ما أكريت له- لم ينفسخ إلا بحكم. وإن رفع إلى الحاكم نظر فيه: فإن كان لا ضرر على المكتري في الصبر لم يعجل بالفسخ، وإن كان في الصبر مضرة فسخ، مثل أن يكون الكراء للحج أو إلى بلد بعينه، إن فاته الخروج مع هذه الرفقة فاته ما اكترى له، أو غير ذلك من العذر، كان فيها قولان: هل يفتقر الفسخ إلى حاكم، أو ينفسخ عنه العقد بفوت ذلك؟

                                                                                                                                                                                        واختلف قول مالك إذا أتى بالإبل بعد فوت الحج أو فوت الرفقة فقال في المدونة ينفسخ عنه في الحج وحده. وقال في كتاب محمد: لا ينفسخ. وقال غيره: في غير الحج ينفسخ. والفسخ في كلا الموضعين أحسن; لأنه لا يختلف أنه لو رفع إلى حاكم لفسخ عنه؛ لما عليه من الضرر في الصبي، وإن كان ذلك لم يسقط حقه في ذلك بترك الرفع. [ ص: 5212 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية