الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في أحوال الأطفال إذا بلغوا من حيث اليتم والحجر]

                                                                                                                                                                                        الأطفال إذا بلغوا، ثلاثة: من له أب، ويتيم محجور عليه، ويتيم لا حجر [ ص: 5593 ] عليه. فأما من تقدم عليه حجر فهو بعد البلوغ على السفه حتى يختبر حسب ما في القرآن.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن له أب أو كان يتيما لم يحجر عليه، فقال في كتاب النكاح الأول من المدونة: إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء، وليس للوالد أن يمنعه، وحمله على الرشد ، وقال ابن حبيب في الصغير تجب له الشفعة: إن أجل الشفعة سنة من يوم يبلغ، وهذا يتيم له مال حمله على الرشد بالبلوغ، وقيل: هما على السفه قياسا على المحجور عليه؛ لأن الحجر لا يغير العقل بنقص وذلك فيمن حجر عليه وغيره سواء، وفرق في القول الآخر بينهما؛ لأن الغالب من بني آدم الحرص على الدنيا والإمساك وشدة الطلب والتقاطع لأجلها؛ فالسفيه قليل في جنب غيره، ويكون في البلد ألوف وهم على حسن النظر والسفيه فيهم العدد القليل فوجب حمل الناس على الغالب ، وألا يحملوا على حكم القليل النادر، واختلف في الإناث، فقيل: لا يحكم لهن بالرشد مع وجود البكارة حتى يدخل بهن، وجعل الدخول فيهن كالبلوغ في الذكران، وقال أيضا في كتاب الحبس في المدونة في قول الله سبحانه: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم [النساء: 6] قيل: بلوغ النكاح: الاحتلام والحيض. فسوى بين الذكران [ ص: 5594 ] والإناث وأن يدفع إليها مالها إذا حاضت وأنس منها الرشد وإن لم تتزوج، واختلف في البكر التي لا أب لها، فقيل: هي على السفه حتى يثبت رشدها، وذكر سحنون في كتاب النكاح الثاني أنها إن تزوجت بدون صداق مثلها أو وضعت عن الزوج بعد الطلاق صداقها أن ذلك جائز، وحمل أمرها على الجواز كالصبي، وقد يقال إن الاختلاف فيها هو كالاختلاف في السفيه الذي لا حجر عليه أنه في أفعاله في أحد القولين على الجواز حتى يحجر عليه.

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول أنها على السفه هل تجوز أفعالها بالدخول أو حتى ترشد؟ المشهور من المذهب أن الثيب إذا لم يتقدم عليها حجر أنها في أفعالها على الجواز.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن لم يتقدم عليها حجر وعلم منها الرشد وأخر أمرها حتى يدخل بها هل ترشد بنفس الدخول أو حتى يختبر أمرها بعد الدخول فقال في المدونة في المدخول بها إذا دخل بها زوجها جاز فعلها إذا علم منها صلاح الحال، وقال مطرف في كتاب ابن حبيب: إذا علم منها صلاح الحال قبل الدخول جاز أمرها إذا دخل بها ، وذكر عن مالك أنه استحب أن يتربص بها سنة بعد الدخول.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية