الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا أقر الغريم بالملاء، ولد عن القضاء]

                                                                                                                                                                                        وإذا أقر الغريم بالملاء ولد عن القضاء ، فإن وجد له مال ظاهر قضى منه، وإلا سجن، فإن قضى وإلا ضرب حتى يقضي ما عليه، وإن سأل الصبر لإحضار ما عليه، وقال: ليس لي ناض كان ذلك له .

                                                                                                                                                                                        واختلف في حد التأخير، وهل يؤخذ منه حميل، وهل يحلف أنه عاجز عن إحضاره الآن. فقال سحنون: يؤخر اليوم وشبهه ويعطي حميلا فإن لم يعط حميلا سجن . وقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: ذلك على حالات [ ص: 5555 ] المطلوب والشيء الذي يطلب به؛ ففرق بين أجل التأخير ولم يحده بوقت .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في المبسوط: ذلك فيختلف في الملي والمعدم، وقلة المال وكثرته؛ فرجل عليه مائة دينار وآخر عليه ثلاثمائة. وأرى أن يؤخر الملي ثلاثا أو أربعا أو خمسا وما له حد معلوم، ولم يجعل عليه في ذلك حميلا، وهذا حسن أن يعتبر حال الرجل، وقدر المال فيؤخر بقدر جمعه لذلك، ومتى أشكل الأمر لم يحمل على اللدد إلا أن يكون مثل ذلك الدين ما يتعذر على مثله ليسره وقلة الدين، فيلزم بالقضاء بالحضرة، وإذا كان الحكم التأخير لم يلزم حميلا؛ لأن المداينة لم تكن بحميل، ولا ظهر منه ما يوجب نقله عن ذلك؛ لأنه مقر باليسر وليس بمنزلة من ادعى الفقر لأنه عند دعوى الفقر يخشى منه الفرار والتغيب إلا أن يكون هناك ريب نزل على تغيبه أو أنه يريد سفرا أو يكون ملدا، وإلزامه بالحميل أقرب لاستخراج الحق منه فيلزم بالحميل، وإن كان مقرا باليسر وكان يقدر على القضاء من يومه ببيع ما يشق عليه بيعه وخروجه من ملكه مثل جاريته وعبده التاجر ومركوبه وما يدركه من بيعه مضرة أو معرة لم يؤخذ ببيعه؛ لأن الشأن القضاء من غير ذلك. وإلى هذا ذهب مالك -رحمه الله- في المبسوط. فقال: قد يكون للرجل العروض التي يحتاج إليها، وإن باعها أضر به، فلا بأس أن ينظر الإمام في مثل هذا، ويضرب أجلا لا يشق على الطالب والمطلوب. [ ص: 5556 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية