الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا أقر للولد مع الزوجة]

                                                                                                                                                                                        وإن أقر للولد مع الزوجة لم يصدق إلا أن يعلم منها البغضة له ، وإن أقر لأحد ولديه ولا زوجة له ، ولا يعلم منزلتهم منه في الحب والبغض، لم يصدق، وإن كانا صغيرا وكبيرا، لم يصدق في إقراره للصغير .

                                                                                                                                                                                        واختلف في إقراره للكبير وأن يجوز أحسن؛ لأنه لا تهمة هناك، وكذلك إن كانا كبيرين بارا وعاقا، لم يجز إقراره للبار.

                                                                                                                                                                                        واختلف في إقراره للعاق فأجاز ابن القاسم في الرابع من الوصايا من كتاب محمد ، وإن كانا صغيرا وكبيرا بارا وعاقا، لم يجز إقراره للصغير ولا للبار ويجوز للعاق على المستحسن من القول، وإن كانا ابنا وبنتا فأقر للابن جاز إن كانت الابنة بكرا، ولم يجز إن كانت الابنة ثيبا ذات زوج؛ لأن المعروف ميل الأب حينئذ للابن، وإن أقر للبنت بعكس هذا فيجوز إن كانت ذات زوج، ولا يجوز إن كانت بكرا؛ لأنها في معنى الصغير، وإنما تتزوج [ ص: 5565 ] ويرغب فيها لمكان مالها ولشورتها، وهذا مع الزوجة فإن كانت للميت زوجة جرى الجواب على قولين؛ لأنه لا تنال الزوجة مضرة إلا نال الولد أخرى ، ولا أرى أن يجوز إقرار الأم لأحد الولدين ويرد إقرارها للابنة، وإن كانت مدخولا لما علم من ميلها إليها وإيثارها على الذكور، ويرد إقرارها للابن؛ لأنه يتهم أن يكون استمالها حتى أقرت له، والنساء يضعفن عند الاستمالة.

                                                                                                                                                                                        وإن كان وارث المريض بنات أو عصبة، فأقر للبنات أو لإحداهن، لم يجز إقراره، وإن أقر للعاصب أو للعصبة إقرار سواء، وإن أقر لأحدهما فعلى الخلاف المتقدم ، إذا أقر للصديق ووارثه ابنة وعصبة، وكل من تقدم القول فيه أنه لا يقبل الإقرار له.

                                                                                                                                                                                        فإنه إن كان هناك دليل على ما أقر به قبل قوله.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: إذا كان المقر له أو وكيله يقتضي من المقر في صحته قبل إقراره، يريد: ما لم يقر له بأكثر مما يشبه أن يكون له عنده، فكل من لا يصح له الإقرار بالدين فلا تصح البراءة له مما له عنده من دين.

                                                                                                                                                                                        محمد: وإن أقر المريض أنه قبض دينا كان له على بعض ورثته، ثم مات الذي له عليه الدين قبل، لزم الباقي إقراره وسقط دينه ما لم يكن ورثة أخيه ورثة الباقي المقر أنه قبض دينه . [ ص: 5566 ]

                                                                                                                                                                                        قال: فإن أقر المريض أنه اشترى بهذه السلعة من ابنه بعشرين دينارا، ودفع إليه الثمن، والسلعة قائمة بيد الأب، وأقر الابن بمثل ذلك غرم العشرين الدينار، ولم يأخذ السلعة ، وإن أقر الأب أنه قبض وديعته التي عند ابنه جاز إقراره إذا لم يودعها ببينة.

                                                                                                                                                                                        قال: وقد قيل: لو كان أصلها ببينة كان إقرار الأب بالقبض جائزا؛ لأن الابن لو قال: ضاعت مني جاز قوله.

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب التفليس: إذا أقر لأجنبي ولصديق ملاطف أو لأجنبي ولصديق ملاطف ووارث، وسيأتي مستوعبا إن شاء الله. [ ص: 5567 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية