الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن هو السفيه المحجور عليه]

                                                                                                                                                                                        واختلف في السفيه الذي يحجر عليه. فقال ابن القاسم: إذا كان ممن لو

                                                                                                                                                                                        كان في ولاء لم يعط ماله. وقال أشهب: لا يحجر إلا على البين أمره المبذر لماله

                                                                                                                                                                                        ولا يحكم إمساكه .

                                                                                                                                                                                        واختلف في أفعال من يستحق الحجر إذا تصرف في ماله قبل الحجر فقيل: أفعاله على الجواز، بيعه وشراؤه وهباته وقبضه حتى يحجر عليه، وهو قول ابن كنانة وابن نافع، وقيل: ذلك على الرد كالمحجور عليه، وهو قول ابن القاسم .

                                                                                                                                                                                        وقال مطرف وابن الماجشون: إذا كان سفيها قبل البلوغ ثم لم يأت عليه حال رشد كانت أفعاله مردودة؛ لأنه لم يزل في ولاء، وإن كان رشيدا، ثم أحدث سفها كان فعله الآن نافذا إلا أن يكون في بيعه خديعة فباع ما يساوي ألفا بمائة فيرد ويكون الزائد كالهبة، وفرقا بين هبته وبيعه. [ ص: 5587 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: والصواب في هباته أنها مردودة ويضمنها الموهوب له إن كان صون بها ماله.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن يخدع في البيوع فقيل: لا يحجر عليه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يخدع في البيوع: "إذا بايعت فقل لا خلابة"، وقال أبو إسحاق ابن شعبان: يضرب على يديه، وأرى إن كان يخدع بالشيء اليسير أو الشيء الذي له بال أنه لا يخفى عليه ذلك بعد، وتبين له ذلك الغبن فلا يحجر عليه، ويؤمر بالاشتراط حسب ما في الحديث ، ويشهد حين البيع ويستغني بذلك على الحجر، وإن كان لا يتبين له ذلك، ويكثر نزول ذلك به أمر بالإمساك عن التجر، ولم يحجر عليه، ولم ينتزع المال من يده؛ لأن السلطان لا يفعل بعد الحجر أكثر من إمساكه والإنفاق عليه منه، وهو أولى بإمساك ماله ، وإن كان لا ينزجر عن التجر انتزع ذلك منه.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية