الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في رهن المشاع

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن ارتهن سدس دار أو حمام، أو نصف ثوب، أو نصف سيف: ذلك جائز، وحوزه أن يحوزه عن صاحبه .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: رهن المشاع على ضربين ، فإن كان الرهن شركة بين الراهن وغيره، صح حوزه إذا رفع الراهن يده عن نصيبه، ثم هما بالخيار بين ثلاثة: بين أن يكون ذلك النصيب على يد المرتهن، أو الشريك، أو على يد ثالث غيرهما، وسواء كان الرهن دارا أو عبدا أو دابة أو ثوبا، وهذا قول ابن القاسم، ووافقه أشهب فيما لا بيان به كالدار والحمام أنه يكون محوزا وإن كان تحت يد المرتهن والشريك .

                                                                                                                                                                                        واختلف فيما يبان به كالعبد والدابة والثوب، فرأى ابن القاسم أنه حوز وإن كان تحت أيديهما، ومنعه أشهب؛ وقال: لا يكون حوزا إلا أن يكون على يد المرتهن أو على يد الشريك أو على يد غيرهما . والأول أحسن، ولو كان ذلك الثوب أو العبد عند الشريك ولم يجعل المرتهن يده معه عليه، ولا رضي الشريك أن يكون حائزا للمرتهن، لم يكن محوزا، وإن كان جميع الثوب أو الدار أو العبد للراهن، رهن نصف ذلك فرفع يده عن جميع الرهن، كان محوزا.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت يدهما عليه، هل يكون محوزا؟ وكذلك إذا تصدق [ ص: 5678 ] بنصيب من دار أو عبد أو ثوب وكانت أيديهما على تلك الصدقة.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن ارتهن نصيبه من دار واكترى نصيب شريكه أو أرهنه : أرى رهنه فاسدا حين سكن إذا لم يقم المرتهن فيقاسمه هذا ؛ لأنه صار ساكنا في نصف الدار، والدار غير مقسومة .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: لو حاز المرتهن ما لم يسكنه الراهن بغلق أو غيره، صح ارتهانه لنصف ما حاز؛ لأنه بقيمة ذلك المحوز على المشاع، وكذلك لو قاسم المرتهن الشريك البائع، لم يكن له مما صار إليه إلا نصفه.

                                                                                                                                                                                        وللمرتهن أن يمنع الراهن من السكنى حتى يقاسمه الرقاب، فما صار للراهن حازه المرتهن، وما صار للشريك سكنه الراهن، فإن كانت الدار لا تنقسم، منعه من السكنى، ويكرى جميعها ويكون الكراء للراهن، فيكون له نصفه باكترائه من الشريك ونصفه عن نصيبه؛ لأن الكراء غير داخل في الرهن.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في العتبية فيمن ارتهن دارا في دين له إلى أجل، ثم اكتراها المرتهن من رجل، ثم اكترى المكتري من الراهن، قال: إن كان من سبب صاحب الدار فالكراء لازم، وذلك فاسد لرهنه ما دامت في يده، وإن كان أجنبيا وصح ذلك، فذلك جائز .

                                                                                                                                                                                        ومن ارتهن نصف ثوب فادعى ضياعه، ضمن نصفه وكان في نصفه مؤتمنا، بخلاف المثال في الصانع أنه يضمن في أحد القولين؛ لأن الغالب في [ ص: 5679 ] الصانع عدم الأمانة والناس مضطرون إليهم، والمداينات على غير ذلك، وليس بالعامل ضرورة إلى غير أمين، وإن عامل غير مأمون فقد كان في مندوحة عنه إلى غيره.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية