الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن غصب أمة فولدت ثم مات الولد]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن غصب أمة فولدت ثم مات الولد: لا ضمان على الغاصب فيه، وإن قتله ضمنه .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: لا يخلو الولد من ثلاثة أوجه: إما أن يكون من زنا، أو بملك يمين، أو بنكاح، والزوج عالم أنها أمة وتزوجها على أنها حرة.

                                                                                                                                                                                        فإن ولدت عند الغاصب منه أو بزنا من غيره، كان الجواب فيهما سواء للمغصوب منه أن يأخذ الأمة والولد.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا مات الولد، فقال ابن القاسم: لا يضمنه، وقال أشهب في كتاب محمد: هو ضامن عليه بالقيمة يوم ولد .

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن؛ لأنه مغصوب، وقد كان رده واجبا عليه، ومن قال في الغرم بأعلى القيم يغرم هو قيمته يوم مات إذا كانت أعلى من قيمته يوم ولد.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا ماتت الأم فعلى قول ابن القاسم: يغرم قيمة الأم وحدها يوم غصبها، وعلى قول أشهب يغرم قيمة الأم يوم الغصب وقيمة الولد يوم ولد . وقول ابن القاسم في هذا أحسن على تسليم القول أن القيمة في الأم يوم الغصب؛ لأن ما حدث من نماء بعد ذلك للغاصب، والقياس أن للمغصوب منه أن يأخذ قيمة الأم يوم ماتت إن أحب؛ لأنه كان يوم ماتت [ ص: 5778 ] غاصبا، ويأخذ قيمة الولد على أغلى قيمة مرت به إلى يوم مات؛ لأنه إذا أخذ قيمة الأم يوم ماتت كان الولد حادثا قبل وقت القيمة فصح أن يأخذ قيمتها، فإن ماتت الأم وحدها كان عند ابن القاسم بالخيار بين أن يأخذ قيمة الأم يوم الغصب ولا شيء له في الولد أو يأخذ الولد ولا شيء له من قيمة الأم؛ لأن الولد عضو من أعضائها فذهابها دون ولدها كذهاب بعضها كان بالخيار بين أن يأخذ القيمة يوم الغصب، ولا شيء له في الباقي أو يأخذ الموجود، ولا شيء له في الهالك.

                                                                                                                                                                                        وعلى قول أشهب: له أن يأخذ الولد وقيمة الأم يوم الغصب .

                                                                                                                                                                                        والقياس أن له أن يأخذ قيمتها يوم ماتت ويأخذ الولد.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا مرت به حالة بعد الولادة هي أرفع قيمة كان له أن يأخذ تلك القيمة وعين الولد.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية