الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فى دعوى فوات المستحق]

                                                                                                                                                                                        وإذا ثبت الاستحقاق فقال المشتري: أبق مني العبد، أو ذهبت الدابة، أو ماتا، أو سرقت السلعة أو الطعام، كان القول قوله في الحيوان أنها ذهبت منه بتلف أو غيره. وفي المدونة إذا سافر بذلك وليس معه جماعة، ولا يصدق إذا ادعى موته وهو في الحضر أو في جماعة في السفر.

                                                                                                                                                                                        واختلف في السلع والطعام إذا قال: سرق أو ما أشبه ذلك، فقال ابن القاسم في العتبية: لا يقبل قوله، وهو ظاهر قوله في المدونة ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد هلك، ويغرم قيمته اليوم، ليس يوم كان وضع يده [ ص: 5849 ] عليه؛ لأنه ليس بغاصب ولا متعد.

                                                                                                                                                                                        ولمالك في مثل هذا الأصل: أنه لا يحلف، قال: ولو أحلفته ما ضمنته. وقال أصبغ: القول قول المشتري مع يمينه في ضياعه ولا ضمان عليه. والأول أحسن؛ لأن المشتري يتهم عند الاستحقاق على تغييب المستحق منه إلا أن يكون ممن يعرف بالدين والصلاح والخير فيصدق ولا يرجع بالثمن على من باعه منه؛ لأن مقال المستحق مع الغاصب يغرمه الأكثر من القيمة أو الثمن، ولو باع المشتري ذلك لم يكن عليه شيء سوى الثمن الذي باعه به إذا لم يجز المستحق الشراء الأول، وإن علم أن المشتري باع ذلك المغصوب ولم يعلم بما باع به إلا من قول المشتري صدق إذا أتى بما يشبه أن تكون ثمنه يوم البيع، وإن أتى بما لا يشبه لم يصدق ورد إلى ما يشبه، وإن قال: إن ذلك كان لأجل عيب نزل به صدق في الحيوان؛ لأنه مصدق في ذهاب جميعه، ولم يصدق في العروض على قول ابن القاسم.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا لم يعلم البيع إلا من قوله وقال: بعته من وقت كذا، فعلى قول ابن القاسم: لا يصدق إذا كان سوقه اليوم أغلى ويؤخذ بقيمته اليوم.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في عبد نزل بلدا فادعى الحرية فاستعانه رجل فبنى له دارا أو بيتا ثم استحقه سيده: أنه يأخذ قيمة عمله ذلك .

                                                                                                                                                                                        قال محمد: إلا أن يتلف ما بنى. يريد: فلا شيء عليه؛ لأن الموهوب ما يكون عن يده من عمل، وكذلك لو خاط أو نسج، فإن الهبة الموجودة في الثوب من الخياطة وفي الغزل من النسج، وكذلك لو استؤجر عليه فإن الإجارة عن الموجود. [ ص: 5850 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ضاع ذلك قبل التسليم هل يستحق أجره، وقال ابن القاسم في كتاب محمد: إذا أفاد العبد عند المشتري مالا كان المال للمغصوب منه إلا أن يكون المال هبة من السيد الذي هو في يديه أو دفع إليه مالا يتجر به فربح أو من إجارة نفسه، فإن ذلك لمن استحق من يديه وليس للمستحق فيه شيء. [ ص: 5851 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية