الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في اقتسام الطعام بين الشريكين]

                                                                                                                                                                                        وإن كانا شريكين في طعام غلث أو عفن وهو صبرة واحدة جاز أن يقسماها وأجازه ابن القاسم في الصبرتين إذا كان الغلث أو العفن يشبه بعضه بعضا قال: وإن تباين لم يجز .

                                                                                                                                                                                        وأرى إذا تباين وكان أقلهما غلثا أو عفنا وهو أجود أو كانا سواء أن يجوز؛ لأنه تفضل من أحدهما على الآخر وإن كان أدنى جودة لم يجز. [ ص: 5913 ]

                                                                                                                                                                                        وإن كانت إحدى الصبرتين نقية والأخرى غلثة وهما في الكيل سواء جاز أن يأخذ أحدهما النقية والآخر الغلثة؛ لأن ذلك تفضل من أحدهما على الآخر ما لم تكن الغلثة أطيب قمحا فلا تجوز، وإن كانت إحداهما صحيحة والأخرى عفنة جاز أيضا إذا استوى الكيل، إلا أن يكون قمح العفنة أطيب ويرغب فيه أكثر من الصحيحة فلا يجوز للتفاضل ؛ لأن العفن والسوس أذهب بعضه، وإن كان أحدهما غلثا والآخر عفنا أو مسوسا لم يجز، إلا أن يكون الغلث إذا أزيل كان الباقي مثل ما يصح من السوس بعد ذهاب تلك الأجزاء التي أذهبها السوس والعفن مساويا للآخر في الجودة أو هو أجود فيجوز ، وكل هذا يجوز في القسم ولا يجوز إذا لم تكن شركة، وكان إنما أتى كل واحد منهما بطعام فباعه من الآخر بطعام إلا أن يتساوى الكيل، فقد يستخف ذلك فيما قل إذا أراد أحدهما مكارمة الآخر ولم يقصد المبايعة، كما أجيز بدل الدينارين والثلاثة على وجه المعروف.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في مدونته: إذا كان العفن مختلفا فلا بأس إذا كان الطعام يسيرا مثل الدنانير اليسيرة بالدنانير، وإن كان الطعام كثيرا والعفن مختلفا أو كان في أحدهما لم يصلح مثل الدنانير الكثيرة بالدنانير الكثيرة النقص بأوزن منها، [ ص: 5914 ] وكذلك القمحان أحدهما كثير التراب فلا يصلح ذلك إلا في اليسير.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في أخوين ورثا ثلاثين إردبا من قمح وثلاثين درهما، فأخذ أحدهما عشرة أرادب وعشرين درهما، والآخر عشرة دراهم وعشرين إردبا، فلا بأس إذا كان القمح صبرة واحدة، ولا يجوز إذا كانا صبرتين؛ لأنه تدخله المبايعة.

                                                                                                                                                                                        ولو ورثا مائة إردب قمح ومائة إردب شعير، فأخذ أحدهما ستين قمحا وأربعين شعيرا جاز ولا يجوز مثل ذلك في البيع .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في خلي عنب وتمر : يقسم كل واحد منهما بانفراده؛ لأنه لا يصح متفاضلا وخل العنب أجود فإن رضيا أن يقسماه مثلا بالمثل بالقرعة لم يجز؛ لأنه مخاطرة وإن عدلاه بالقيمة لم يجز؛ لأنه تفاضل. [ ص: 5915 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية