الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الورثة يقسمون تركة ميتهم ثم يطرأ غريم أو وارث أو موصى له

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن مات وعليه دين وترك دورا فاقتسمها الورثة وجهلوا أن على الميت دينا أو جهلوا أن الدين يخرج قبل الميراث قال: ترد القسمة حتى يخرجوا الدين إن أدرك مال الميت بعينه وإن أتلف بعضهم ما صار إليه كان للغريم أن يأخذ جميع ما أدرك في يد الآخر إلا أن يكون حقه أقل فيأخذ مقدار دينه، ويطرح هذا الدين فلا يحسب وينظر إلى ما بقي في يده وما أتلف الآخر، فيكون ذلك كله مالا للميت، وينظر إلى ما بقي في يد هذا فيكون له ويتبع جميع الورثة بما بقي له من ميراثه، ويضمن له الورثة ما أكلوه واستهلكوه، وما مات في أيديهم من الحيوان والرقيق، وما تلف من الأمتعة بأمر من السماء ولهم على ذلك بينة فلا ضمان عليهم فيه.

                                                                                                                                                                                        وإن جني على شيء من ذلك قبل لحوق الدين اتبع جميعهم الذي جنى، وإن بيع شيء من ذلك بغير محاباة مضى البيع واقتسموا الثمن .

                                                                                                                                                                                        قال: وإن طرأ وارث على ورثة أخذ من كل واحد قدر ما يصير عليه من ميراثه، وليس له على هذا الذي بقي في يده مال الميت إلا ما يصيبه، لو لم يتلف ما أخذه أصحابه . [ ص: 5932 ]

                                                                                                                                                                                        وجعل الجواب في غريم طرأ على غرماء مثل ذلك، ليس له على الموسر إلا ما ينوبه لو كان بقية الغرماء مياسير.

                                                                                                                                                                                        والطارئون ثلاثة: غريم، ووارث، وموصى له.

                                                                                                                                                                                        فالغريم: يصح رجوعه على كل من وضع يده على تركة الميت من غريم ووارث وموصى له.

                                                                                                                                                                                        والوارث: يصح رجوعه على الورثة وعلى الموصى لهم، وكذلك الموصى له: يصح رجوعه على الورثة وعلى الموصى لهم.

                                                                                                                                                                                        فأما الغريم فإنه لا يخلو أن يطرأ على الغرماء بانفرادهم؛ لأنه قد تقدم قبله غرماء ولم يفصل عنهم شيء أو على الورثة؛ لأنه لم يتقدم قبله غرماء أو تقدم وفضل عنهم بأيدي الورثة ما يوفي بدينه.

                                                                                                                                                                                        أو على الورثة والغرماء، إلا أن الباقي لا يوفي بدينه، فإن كان ما خلفه الميت أخذه الغرماء قبله كان رجوعه على أولئك الغرماء، ولا رجوع له على الورثة إذا لم يعلموا بدين الطارئ، ولا كان موصوفا بالدين، فإن أعسر بعضهم أو غاب لم يرجع على الموسر الحاضر إلا بما ينوبه لو كان بقية الغرماء حضورا مياسير.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية