الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل: السلام من الصلاة فرض

                                                                                                                                                                                        السلام من الصلاة فرض، واختلف في عدده، وفي صفته. فأما عدده: فقال مالك في الفذ: يسلم واحدة قبالة وجهه ويتيامن قليلا.

                                                                                                                                                                                        وقال في سماع ابن وهب: يسلم تسليمتين عن يمينه وعن يساره. [ ص: 537 ]

                                                                                                                                                                                        وقال في الإمام: يسلم واحدة قبالة وجهه ويتيامن قليلا. كالفذ في قوله الأول.

                                                                                                                                                                                        وقال في سماع أشهب في الإمام يسلم تسليمتين، قال: ولا يسلم من خلفه حتى يفرغ منهما.

                                                                                                                                                                                        وقال أبو الفرج عن مالك: يسلم تسليمة تلقاء وجهه، وإن كان على يساره أحد رد عليه تسليمة ثانية. يريد: إن كان معه واحد يسلم واحدة، وإن كان عن يساره أحد سلم أخرى على من كان على يساره. وهو أحسن.

                                                                                                                                                                                        وقد أخرج مسلم في ذلك حديثين عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسلم تسليمتين". قال سعد: يسلم عن يمينه ويساره حتى أرى بياض خديه.

                                                                                                                                                                                        واختلف في المأموم يسلم عن يساره ولم يسلم عن يمينه حتى تكلم، فقيل: بطلت صلاته.

                                                                                                                                                                                        وقال مطرف: صلاته تامة، عامدا كان أو ناسيا، فذا أو إماما.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: إن تعمد الخروج بها لم تبطل وإن سلمها للفضل، ولكن يعود [ ص: 538 ] ويسلم الأولى فيخرج بها من الصلاة، ثم إن نسي وانصرف وطال الأمر- بطلت صلاته. وإن فعل ذلك سهوا فظن أنه سلم الأولى ويرى أن الثانية يصح الخروج بها من الصلاة لم تبطل، وإن كان يرى أنها فضيلة وطال الأمر بطلت.

                                                                                                                                                                                        وإذا فات المأموم بعض صلاة الإمام فقضى ما فاته بعد سلام الإمام، فإن كان الإمام لم ينصرف ولا من كان عن يسار المأموم- رد عليهما.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا انصرف: فقال مالك مرة: لا يرد عليهما. وقال مرة: يرد. وهو أحسن; لأن السلام يتضمن دعاء حقا، وهو تحية تقدمت منهم يجب ردها، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ".. إذا قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنه إذا قال ذلك أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض".

                                                                                                                                                                                        وأما صفة السلام فقال مالك في السليمانية: الأولى أن يقول: السلام عليكم. ويقول: سلام عليكم. قال: وهي تحية أهل الجنة، سلام عليكم بما صبرتم [الرعد: 24] ، ولا يقول في الأولى: عليكم السلام.

                                                                                                                                                                                        وقال في الثانية: ذلك واسع، السلام عليكم أو عليكم السلام، وأحب إلي: السلام عليكم.

                                                                                                                                                                                        وقال في المبسوط: يستحب لمن أراد أن يسلم أن يقول: السلام عليك أيها [ ص: 539 ] النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

                                                                                                                                                                                        قال محمد بن مسلمة: أراد ما جاء عن عائشة وابن عمر أنهما كانا يقولان عند سلامهما إذا قضيا التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم. [ ص: 540 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية