الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في السرقة من الحائط، فإذا سرق الثمار قبل الجداد أو بعده، وهي بموضع جدت، أو في حين نقلها، أو وهي في الجرين

                                                                                                                                                                                        وقال مالك فيمن قطع نخلة وسرقها: لم يقطع، وإن كانت مقطوعة ووضعها صاحبها في حائطه وأحرزها فيه، قطع .

                                                                                                                                                                                        وإن سرق ثمرة من رءوس النخل من حائط لا غلق عليه، لم يقطع .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان عليه غلق، فقال عبد الملك بن الماجشون في المبسوط: إذا كان الحائط محصنا مغلقا على ما فيه، وفيه التمر والرديء واللقط والمربد، فقال: ما سرق من ثمر على النخل وودي أو لقط فلا قطع فيه، ويقطع فيما كان في المربد من قبل، أن اللقط بمنزلة ما في رءوسها; لأنه لا يقر حيث هو، ولا يحرس، ولا يرضى له حرزا، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع في ثمر ولا كثر" . [ ص: 6102 ]

                                                                                                                                                                                        قال محمد بن المواز: إنما أريد بالحديث في الثمرة الحرز لا غير. قال: ولو دخل سارق دارا فسرق من ثمرها المعلق في رءوس النخل، أو كان مجدودا في منزله لقطعت يده إذا بلغت قيمته على الرجاء والخوف ربع دينار، ويلزم على هذا إذا كان النخل والكرم أو غيره من الثمار عليه غلق وعلم أنه احتيط عليه من السارق، أو كان لا غلق عليه، وعليه حارس أن يقطع; لأنه جعل الوجه في الحديث وجود الحرز وعدمه.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الجذع يكون مغلقا عليه مقلوعا في الحائط، فقال مالك: لا قطع فيه إذا كان قائما فذهب رأسه وإن كان في حرز وإن قطعه صاحبه ووضعه في حائطه وأحرزه قطع سارقه.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: ولو كانت خشبة ملقاة في الحائط كان فيها القطع. وقال أشهب: إذا لم يتركها مطروحة فأحرزها في الجنان في موضع منه جرين وكان الجنان في حرز أو له حارس، فإنه يقطع .

                                                                                                                                                                                        والجواب في الزرع كذلك لا قطع فيه إذا كان قائما ، وعلى قول عبد [ ص: 6103 ] الملك لا قطع فيه وإن كان في حرز وأغلاق.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا سرق منه شيء بعد حصاده وهو في موضعه لينقل منه إلى الجرين، أو سرق منه في حين نقله وقبل وصوله أو بعد وصوله وكونه في الجرين إذا كان بعيدا من العمران، فقال محمد في الزرع يحصد ويربط قتا، ويترك في الحائط ليحمل إلى الجرين وقد جمع بعضه إلى بعض فلا يحمل حتى سرق منه أحد .

                                                                                                                                                                                        اختلف فيه عن مالك، فقال: يقطع، كان عنده حارس أو لم يكن، قال: وليس بمنزلة الزرع القائم ولا بمنزلة الثمر في رءوس النخل. وقال أيضا في زرع مصر من القمح والقرط يحصد ويوضع في موضعه أياما لييبس فيسرق منه، فقال: ليس هذا بمراح ولا جرين وما هو عندي بالبين أن يكون فيه قطع. ثم قال: وأين يدرس؟ قيل: في الجرين، فقال: هو أبين. يريد، أن القطع في الجرين ، قال محمد: وهو أحب إلينا; لأن كل ما له جرين، وموضع ينقل إليه فليس موضعه ذلك بموضع له، فلا قطع فيه ولو حمل فسرق في الطريق قبل بلوغه الجرين لقطع، وإنما يقطع لأجل من معه . [ ص: 6104 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية