الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في كشف الشهود عن الشهادة في الزنى]

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال مالك في الشهود على الزنى: ينبغي للإمام أن يسألهم عن شهادتهم ، قال ابن القاسم: كيف رأوه، وكيف صنع؟ فإن كان في ذلك ما يدرأ به الحد درأه .

                                                                                                                                                                                        قال محمد: فإن غابوا قبل أن يسألهم غيبة بعيدة أو ماتوا بعد الشهادة أقام الحد على المشهود عليه . يريد إذا كانوا من أهل العلم بما يوجب [ ص: 6168 ] الحد; لأنهم قد يرونه عليها فيشهدون بالزنى، وذلك لا يوجب الحد إلا بمعاينة الفرج في الفرج. وقيل لابن القاسم في كتاب القذف: إذا أقر على نفسه بالزنى هل يكشف كما تكشف البينة؟ فقال: الذي جاء في الحديث أنه قال: "أبصاحبكم من جنة" ولم يسأله .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: أرى أن يكشف كما تكشف البينة إذا أشكل أمره هل يجهل شيئا من ذلك؟ وفي البخاري في حديث ماعز أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كشفه، وسأله بالنون والكاف لا يكني .

                                                                                                                                                                                        وإذا شهدت البينة بالزنى ولا يعلم هل هو ثيب أم لا، فقال: أنا بكر- صدق; لأن الأصل البكارة وعدم الزوجية حتى يعلم أنه تزوج. قال محمد: وقد قيل: لا يسأله الإمام حتى يسأل عنه فإن وجد علما وإلا سأله وإن لم يعلم هل هو حر أو عبد سأله.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: إن زنى فقال: أنا عبد فإن كان محصنا، لم يصدق ورجم; لأنه يتهم أن يؤثر الرق على القتل، وإن كان بكرا لم يقم عليه إلا حد العبد، وكذلك لو افترى أو سرق أو شرب خمرا; لأنه لا يتهم أن يرق نفسه ليوضع عنه ما [ ص: 6169 ] بين الحدين .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: أما إذا لم يكن طارئا لم يعجل برجمه إن كان ثيبا، ولم يصدق إن كان بكرا، ويكلف بيان ذلك وأنه مملوك، فإن تبين صدقه، حمل على أحكام العبد، وإن تبين كذبه، حمل على أحكام الحر، وإن كان طارئا، والبلد الذي قدم منه قريب فكذلك، وإن كان بعيدا أو قام له دليل من تغير لون أو عجمة لسان، لم تقم عليه أحكام الحر وإن لم يكن دليل، فقال: يودع في السجن حتى يكتب ليأتي ببينة فإن ثبت أنه عبد لم يرجم.

                                                                                                                                                                                        وعلى هذا يجري الجواب إذا شهد عليه بالزنى، فقال: هو يهودي أو نصراني، فإن كان مقيما كشف عن ذلك، وإن كان طارئا بغير البلد، سجن وكتب في الكشف عنه، فإن لم يأت بشيء- أقيم عليه الحد; لأنه يتهم أن يظهر ذلك، وليس هو كذلك في الباطن، ليسقط عنه الحد، والتهمة فيه أبين منها في العبد.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية