الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في صفة من يحمل العقل ومن يحمل عنه ولا يحمل]

                                                                                                                                                                                        يحمل العقل الرجال البالغون الأحرار العقلاء، والرشيد والسفيه في ذلك سواء، وخمسة يعقل عنهم ولا يعقلون: الصبيان، والمجانين، والنساء، والفقير، والغارم، إذا كان عليه من الدين بقدر ما في يديه، أو يفضل بعد القضاء ما يكون به في عدد الفقراء، وإن كان لا شيء في يديه فهو فقير، والمولى الأعلى يعقل عن الأسفل. واختلف في الأسفل، هل يعقل مع مواليه، أو يدخل مع العاقلة فيما يجنيه قوم سيده؟

                                                                                                                                                                                        فقال ابن القاسم: يعقل معهم ، ومنعه سحنون.

                                                                                                                                                                                        ومن كان منقطع الغيبة لا يدخل مع العاقلة، وأما من خرج لحج أو لغيره [ ص: 6422 ] ليعود، فإنه يدخل معهم إذا قدم .

                                                                                                                                                                                        وقال عبد الملك: إنما تجب على من كان من العاقلة يوم تقسم عليهم الدية وتوظف ، وليس يوم جرح القتيل، ولا يوم مات ، ولا يوم يثبت الدم، ولا يزول عمن مات بعد ذلك أو أعدم، ولا يدخل فيها بعد ذلك من يبلغ، من صغير، أو يقدم من غائب، أو منقطع، ولا يزاد على من أيسر منهم ورأى أنها تثبت على من كان ذلك اليوم.

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ: من مات منهم ممن جعلت عليه قبل أن تحل، فلا يكون ذلك في ماله، ويرجع على بقية العاقلة .

                                                                                                                                                                                        ويلزم على قوله: إذا أعسر بعضهم. أن يسقط عنه، ويرجع على الآخرين، وإن كان في يد رجل من العاقلة مال وعليه من الدين ما يغترق ما في يديه، فإن كان الدين قبل أن توظف الدية- كان في جملة الفقراء، ولا شيء عليه .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان موسرا وقت التوظيف ، ثم حدث الدين، فقال ابن القاسم: يبدأ الغرماء على طالب الدية، ولا يحاص بها . [ ص: 6423 ]

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: إذا رتبت صارت كالدين يحاص بها ، وانظر فيما ينوب الجاني إذا كان عليه غرماء . ومن لا عاقلة له فبيت المال وإن كان له عاقلة قليلة، ولم يكن فيهم ما يحمل الدية لقلتهم; حمل عليهم ما يحملون ، ويكون الباقي في بيت المال .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية