الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما تجب به دية السن]

                                                                                                                                                                                        تجب دية السن بأربعة وجوه: إذا سقطت، وإذا ضربت فاسودت وإن كانت باقية لم تسقط، وإذا سقطت بعد أن اسودت كان اسودادها من فعل إنسان أو لعلة حدثت فيها، وتجب إذا ضربت فتحركت تحركا بينا وإن لم تسقط، فإن أسقطها إنسان بعد ذلك كانت فيها حكومة.

                                                                                                                                                                                        وإن ضربت أولا فتحركت وبقيت فيها قوة كان على الضارب بحساب ما ذهب من قوتها، فإن أسقطها الآخر بعد ذلك كان عليه بحساب ما بقي.

                                                                                                                                                                                        وإن ضربت فتغير لونها خاصة بصفرة أو حمرة أو خضرة كان عليه بقدر ما أذهب من جمالها، وهذا قول أشهب في كتاب محمد، وقال ابن القاسم في المدونة : إن كان ذلك مثل الاسوداد فقد تم عقلها وإلا فعلى حساب ما نقص . والأول أحسن إلا في الخضرة فإنه سواد أو مقارب له وقد أذهب جمالها جملة.

                                                                                                                                                                                        وإن كسر رجل بعضها كان عليه بقدر ما أذهب منها، فإن أسقطها آخر كان عليه بقدر ما بقي.

                                                                                                                                                                                        وإن كسر رجل نصفها وتحرك الباقي وهو قدر نصف قوتها كان عليه ثلاثة أرباع ديتها: النصف عن ما أذهب منها، ونصف النصف عن تحريك [ ص: 6399 ] الباقي. ومثله إذا أذهب نصفها واحمر الباقي وكان ذلك عند أهل المعرفة نصف جمالها، فإن عليه ثلاثة أرباع ديتها: النصف عن الذاهب، ونصف النصف عن جمال الباقي.

                                                                                                                                                                                        ولو ضربها رجل فاحمرت فأذهب نصف جمالها وأخذ نصف ديتها، ثم ضربها رجل آخر فتحركت فأذهب نصف قوتها، أخذ منه نصف دية صحيحة; لأنه لو أسقطها بعد أن اسودت لغرم ديتها كاملة.

                                                                                                                                                                                        ولو ضربت ضربة واحدة فاحمرت وتحركت وذلك نصف قوتها كان عليه دية نصف واحد، وإن كان أحدهما النصف والآخر أكثر من النصف -الجمال أو القوة- عقل له على أكثرهما وسقط الآخر.

                                                                                                                                                                                        وإن نقص الكلام لذهاب الأسنان عقل له على الأكثر من دية الأسنان أو ما نقص من الكلام، ومحمل الحديث "في السن خمس من الإبل" أن ذلك في السن الواحدة; لأن الغالب أن الكلام لا يتغير لذلك، وأما إذا أفسد بعض الكلام أو عطل الكلام بنقص الحروف لم تسقط دية ذلك، وقد يفسد من الكلام ما تكون ديته أكثر من دية السن. [ ص: 6400 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية