الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل في أقسام النوم الأربعة

                                                                                                                                                                                        النوم أربعة: خفيف قريب لا وضوء فيه، وخفيف طويل يستحب الوضوء منه، وثقيل طويل يجب الوضوء منه، وثقيل قريب اختلف فيه، فقيل: لا ينقض الطهارة; لأن النوم ليس بحدث، وإنما هو سبب له، والغالب في القرب السلامة من ذلك، وذكر أبو الفرج عن ابن القاسم أنه قال: هو حدث. قال أبو الفرج: وهذا الصواب; قياسا على المغمى عليه; إذ لم يشترطوا فيه تصرف أحواله. وهو قول أبي هريرة: " من استحق نوما فقد وجب عليه الوضوء" .

                                                                                                                                                                                        وقاله ربيعة وابن أبي سلمة . [ ص: 79 ]

                                                                                                                                                                                        فأما على القول إنه سبب للحدث فإنه تراعى الحالة التي كان عليها النوم، وهي ثمانية: قائم، وراكع، وساجد، وجالس غير مستند، ومستند ومحتب، ومضطجع، وراكب. فقال ابن حبيب : إن كان قائما أو راكبا أو راكعا أو جالسا غير مستند، كان على طهارته; لأن القائم والراكب والراكع لا يثبتون .

                                                                                                                                                                                        وإن كان ساجدا أو جالسا مستندا أو مضطجعا، فعليه الوضوء إذا خالط النوم قلبه وذهب عقله ولم يدر ما فعل.

                                                                                                                                                                                        وقال القاضي أبو الحسن ابن القصار : من نام قائما أو راكعا أو ساجدا أو مضطجعا فعليه الوضوء . وسوى بين هذه الوجوه; وهذا يصح على القول أن النوم حدث; لأن القائم لا يصح منه اجتماع الاستثقال والطول، وليس الغالب أيضا في تلك الحالة تصرف ذلك وخروجه.

                                                                                                                                                                                        وللمحتبي ثلاث حالات: فإن استيقظ وحبوته بحالها فهو على طهارته، وذلك دليل على أنه لم تستغرقه آفة النوم.

                                                                                                                                                                                        فإن استيقظ لانحلالها كان على أحد القولين: أن النوم حدث في نفسه- تنتقض طهارته، وعلى القول الآخر: هو على طهارته، وكذلك إذا انحلت ولم يشعر ولم يطل، فإن طال وكان مستندا انتقضت طهارته. ومثله إذا كانت بيده مروحة، فإن لم تسقط من يده كان على طهارته، وإن استيقظ لسقوطها كان على [ ص: 80 ] القولين، إلا أن يطول وهو غير مستند.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية