الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل الحج يجب في البر على الطريق المعتاد

                                                                                                                                                                                        الحج يجب في البر على الطريق المعتاد ، من غير غرم يغرمه لمانع طريق ، فإن منع من ذلك الطريق فوجد السبيل من غيره ؛ فإن كان أبعد منه لم يسقط الحج ، وإن كان أوعر بأمر تدرك منه مشقة ، أو كان مخوفا من سباع أو عدو أو لصوص أو ما أشبه ذلك- لم يلزمه الحج ، وإن كان المنع لغرم وكان يسيرا لزم الحج .

                                                                                                                                                                                        قال أبو محمد عبد الوهاب : إذا كان كثيرا يجحف به لم يلزمه ذلك .

                                                                                                                                                                                        وظاهر قوله إذا كان كثيرا ولا يجحف به- لأن الكثير من الناس يختلف لاختلاف كثرة المال وقلته .

                                                                                                                                                                                        والحج في البحر واجب على كل من كان في الجزائر ، مثل صقلية والأندلس ؛ لأنها بحار مأمونة . وكذلك إذا كان الراكب يأتي بصلواته ، ولا يعطلها ، ولا ينقص فروضها ، فإن كان يعرض له ميد يمنعه من الصلاة لم يلزمه أن يأتي بفرض فيسقط به فرضا .

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا كان يأتي بصلاته جالسا ، أو كان لا يجد موضعا لسجوده لكثرة الراكب ، وضيق الموضع ، فقال مالك : إذا لم يستطع الركوع والسجود إلا على ظهر أخيه فلا يركبه . ثم قال : أيركب حيث لا يصلي ، ويل لمن ترك الصلاة .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب فيمن لا يستطيع الصلاة في الجمعة ، إلا على ظهر أخيه : [ ص: 1129 ]

                                                                                                                                                                                        أنه يجزئه .

                                                                                                                                                                                        فهذا هو المعروف إذا كان يأتي بالبدل ، وإن كان دون الأول في الرتبة أن ذلك جائز ، كالذي يسافر بحيث لا يجد الماء ، وينتقل إلى التيمم .

                                                                                                                                                                                        ومن كان قادرا على الحج في البر فأراد أن يحج في البحر ، وهو قادر على أن يأتي بصلاته على هيئتها ، فإن كان إن خرج في البر -حج من عامه ، وإن ركب البحر لم يدرك في ذلك العام- منع من البحر على القول أن الحج على الفور . ويستحسن ألا يفعل على القول الآخر .

                                                                                                                                                                                        وإن كان لا يدرك الحج من عامه إن خرج في البر خرج على أيهما أحب .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية