الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [حج النساء]

                                                                                                                                                                                        الحج يجب على النساء بثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                        بوجود الزاد ، والمركوب ، والولي ، فإن اجتمع ذلك وجب الحج بلا خلاف ، ويفترق الجواب مع عدم ذلك .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت تستطيع المشي ، وفي حجها في البحر ، وفي حجها مع عدم الولي إذا كانت جماعة ناس لا بأس بحالهم .

                                                                                                                                                                                        فأما المشي ، فقال في المدونة : إذا نذرت مشيا ، وعجزت في بعض الطريق [ ص: 1130 ] تعود ثانية . قال : والرجال والنساء في ذلك سواء .

                                                                                                                                                                                        فعلى هذا يجب عليها الحج إذا كانت قادرة على المشي ؛ لأن الوفاء بحجة الفريضة آكد من النذر .

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب محمد : لا أرى عليها مشيا ، وإن قويت عليه ؛ لأن مشيهن عورة ، إلا أن يكون المكان القريب من مكة .

                                                                                                                                                                                        وهذا يحسن في المرأة الرائعة والجسيمة ، ومن ينظر لمثلها عند مشيها ، وأما المتجالة ومن لا يؤبه إليها من النساء فيجب عليها كالرجل ، وهي داخلة في عموم قوله تعالى : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر [الحج : 27] .

                                                                                                                                                                                        ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لعقبة بن عامر - رضي الله عنه - حين قال : "إن أختي نذرت أن تمشي إلى بيت الله ، قال : مرها فلتمش ولتركب" . وقد مضى ذكر هذا الحديث في كتاب النذر .

                                                                                                                                                                                        وأما حجها في البحر ، فقال مالك في كتاب محمد : ما لها وللبحر ، البحر [ ص: 1131 ] هول شديد ، والمرأة عورة ، وأخاف أن تنكشف ، وترك ذلك أحب إلي .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : وقد وردت السنة بجواز ركوب النساء في البحر في حديث أم حرام بنت ملحان - رضي الله عنها - في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "عرض علي ناس من أمتي ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة ، يركبون ثبج هذا البحر . فقالت : ادع الله أن يجعلني منهم . فدعا لها" .

                                                                                                                                                                                        وركوب النساء البحر جائز إذا كانت في سرير ، أو ما أشبه ذلك ، مما تستتر فيه ، وتستغني به عن مخالطة الرجال عند حاجة الإنسان ، وإن كانت على غير ذلك لم يجز ، ومنعت .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية