الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب زكاة البقر

                                                                                                                                                                                        الأصل في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ما من صاحب بقر لا يؤدي زكاتها ، إلا جاءت يوم القيامة ، أكثر ما كانت ، أقعد لها بقاع قرقر ، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها" أخرجه مسلم . وقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : "في كل ثلاثين بقرة تبيع ، وفي كل أربعين مسنة" .

                                                                                                                                                                                        وللبقر نصابان : ثلاثون ، وأربعون ، وما دون الثلاثين وقص لا زكاة فيه . فإن بلغت ثلاثين كان فيها تبيع ، وفي أربعين مسنة ، وفي ستين تبيعان ، وفي سبعين تبيع ومسنة ، وفي ثمانين مسنتان ، وفي تسعين ثلاث توابع ، وفي مائة تبيعان ومسنة ، وفي مائة وعشرة تبيع ومسنتان ، وفي عشرين ومائة تتفق الفريضتان أربع توابع أو ثلاث مسنات .

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا وجد فيها السنان جميعا أو عدما ، هل يكون الأمر في الوجه الذي يعد به ويزكى عليه من توابع أو مسنات إلى المصدق ، أو إلى صاحب البقر ، حسب ما تقدم في المائتين من الإبل ؟

                                                                                                                                                                                        واختلفت الأحاديث في السن التي تجب في الثلاثين . فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 1009 ] أنه قال : "في ثلاثين جذع" . وروي عنه أنه قال "فيه جذع أو جذعة" .

                                                                                                                                                                                        واختلفت الروايات على مثل ذلك في المذهب ، فقال في المدونة : فيها جذع . وقال في كتاب ابن حبيب : جذع ، أو جذعة . ولم تختلف الأحاديث والروايات أن الذكر يجزئ .

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يؤخذ مع وجود الأنثى . فعلى القول : إن الإعطاء لصاحب المال- يلزم الساعي قبول الجذع مع وجود الجذعة . وعلى القول : إن الأمر للمصدق ، إن أخذ جذعة لم يكن لصاحب المال أن ينتزعها منه .

                                                                                                                                                                                        وإن لم يكن في البقر إلا جذع أخذه ، ولم يكن للمصدق أن يكلفه أن يأتي بأنثى . ويختلف إذا لم يكن فيها إلا أنثى ، فأراد المصدق أخذها ، وقال صاحب المال : أنا آتي بذكر . هل يكون القول قول المصدق ، أو قول المالك ؟ [ ص: 1010 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف في سن الجذع ، فقال ابن حبيب : هو ابن سنتين ، وهو العجل الذي فطم عن أمه . وقال ابن نافع في المجموعة : هو ابن ثلاث سنين . والأول أصح وهو المعروف عند أهل اللغة .

                                                                                                                                                                                        واختلفت الأحاديث أيضا والروايات في السن الذي يؤخذ عن الأربعين ، فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "فيها ثنية" ، وأنه قال : "فيها مسنة" . قال ابن حبيب وأبو محمد عبد الوهاب : المسنة بنت أربع سنين . هذا مع تسليمهم أن الجذع ابن سنتين ، والثنية بنت ثلاث سنين ، فإذا دخلت في الرابعة فهي رباع . وقال أبو إسحاق ابن شعبان : هي ابنة ثلاث سنين ، وأخذ بقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الواجب فيها ثنية . وهو الصحيح ؛ لأنه حديث مفسر يقضي على المجمل في قوله : مسنة ؛ ولأنه اسم شامل للثنية والرباع ، ولا تؤخذ إلا أنثى . [ ص: 1011 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية