الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن جاءه الساعي وقد نفق من نصاب ما يزكي شاة]

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال مالك فيمن نزل به الساعي ، وله مائتا شاة وشاة فهلكت منها واحدة بعد أن نزل به الساعي وقبل أن يسعى عليه : إنه يزكي عن ما بقي ، ولا شيء عليه فيما مات . وقال في كتاب محمد : إذا نزل به الساعي فسأله عن غنمه ، فأخبره أنها مائتا شاة فقال له : نصبح فنأخذ منها شاتين ، فولدت واحدة قبل الصبح ، أو كانت مائتين وواحدة فماتت منها واحدة قبل الصبح ، فإنه يزكي على ما يجد من عددها حين يصدق ، ولا ينظر إلى ما كان قبل ذلك . فأسقط عنه زكاة ما هلك ، وإن كان قد صدقه في العدد ؛ لأن كل ما هلك من المال بعد الحول وقبل الأخذ منه من غير تفريط تسقط زكاته .

                                                                                                                                                                                        وكذلك لو عد عليه ولم يأخذ منها شيئا حتى هلك بعضها سقطت زكاته ، وزكى عن الباقي .

                                                                                                                                                                                        وتصديقه وعده سواء ، وهذا إذا كانت الزكاة من عين تلك الماشية ، ولو كانت إبلا ، فسأله عن عددها ، فقال : عشرون . فصدقه ، فقال : يصبح ويأخذ أربع شياه ، فهلك بعضها قبل أن يصبح ، أو سرق جميعها ، لم تسقط عنه زكاته ؛ [ ص: 1036 ] لأنه سلم ذلك إليه ليأخذ الزكاة من الذمة .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد : إذا لم يجد فيها نصابا ، يريد : كانت دون أربعين شاة ، فذهب عنه المصدق ، ثم رجع إليه ، فوجدها قد بلغت نصابا بولادة ، أنه لا يأخذ منها شيئا . قال : ولا ينبغي للمصدق أن يرجع فيها ، ولا يمر في العام الواحد مرتين . وفرق ما بين ما توالد قبل أن يذهب عنه ، أو بعد ما ذهب عنه ، ثم رجع إليه فزكى الأول ولم يزك الثاني .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم في المسألة الآخرة : عليه أن يزكيها ، ولا أدري ما وجه قول مالك ، وقوله هذا أحسن ؛ لأنه نصاب حال عليه الحول ، وما كانت هذه صفته ، فقد وجبت فيه الزكاة ، وإنما سقط عنه الرجوع لمشقة ذلك عليه ، فإذا تكلف ذلك وفعل أخذ الزكاة . وينبغي إذا نزل الساعي ، وهي مائتان ، فقال له : نأخذ منها شاتين ، فأصبح وقد ولدت ؛ ألا يزكي إلا ما قال له أنه يزكي عليه أولا ؛ لأن الولادة صارت في العام الثاني . [ ص: 1037 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية