فصل [في موالاة السعي بين الصفا والمروة  بعد الطواف] 
السعي بين الصفا والمروة  في الحج مرة واحدة  ، يؤتى به عقب طواف القدوم ، ثم لا سعي فيما بعد ذلك إذا طاف للإفاضة أو للوداع . ومن لم يطف للقدوم لأنه مراهق ، أو تركه متعمدا - أتى به عقب طواف الإفاضة . فمن لم يأت به عقب طواف الإفاضة ، وأتى به عقب طواف الوداع - أجزأه عند  مالك  ؛ لأنه يرى أن طواف التطوع في الحج يجزئ عن الواجب . ولا يجزئ عند محمد بن عبد الحكم   . 
وكذلك في العمرة : أن يؤتى به مرة واحدة بعد الطواف ، فإن لم يأت به حتى أصاب النساء ؛ كان قد أفسد عمرته . ومن أتى بالسعي في الحج أو العمرة قبل الطواف  ، ثم أعقبه بالطواف لم يجزئه ، وكان بمنزلة من لم يسع .  [ ص: 1199 ] 
والسعي بين الصفا والمروة سبع  ، ويبتدئ بالصفا  ويختم بالمروة  وإذا وقف على الصفا  أربعا وعلى المروة  أربعا ؛ كان الذي بينهما سبعا ، وإن بدأ بالمروة  زاد شوطا . 
ويستحب أن يقف على الصفا والمروة  في موضع يرى منه البيت  ، ويستقبل البيت في حين وقوفه ، فإن وقف أسفل أجزأه ، ويكون قائما ، إلا من له عذر من مرض لا يستطيع معه القيام ، فلا بأس أن يكون جالسا . وإن جلس مع القدرة على القيام أجزأه . والنساء في ذلك كالرجال ، إلا أنهن يقمن أسفل ذلك ، ولا يخالطهن الرجال . فإن لم يكن هناك رجال فالأعلى أفضل . وإذا وقف الواقف هناك استفتح بذكر الله بالتكبير والحمد والثناء ، ثم الدعاء   . 
واختلف في رفع اليدين حين الدعاء  ، وذلك واسع ؛ بجعل بطونهما إلى الأرض وظهورهما إلى السماء وهو الرهب ، أو بجعل بطونهما إلى السماء وظهورهما إلى الأرض وهو الرغب . ولا يجعلهما قائمتين كما يفعل في الإحرام في الصلاة . 
وإذا نزل من الصفا  فأتى بطن الوادي سعى حتى يخرج منه . واختلف في أصل ذلك السعي ، فقيل : الأصل فيه : هاجر  ، لما تركها إبراهيم عليه الصلاة والسلام  وإسماعيل  ، ولم يكن بالموضع ماء ، فعطش إسماعيل  عليه  [ ص: 1200 ] الصلاة والسلام ، فصعدت الصفا  لتنظر هل بالموضع ماء ، فلم تر شيئا ، فنزلت وسعت في بطن السيل حتى أتت المروة  ، فوقفت بمثل ذلك ، وذكر  الترمذي  عن  ابن عباس   :  "أن ذلك كان ليري المشركين قوته"  . 
تم كتاب الحج الأول  [ ص: 1201 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					