الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في إفراد الحج والتمتع والقران

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال مالك : إفراد الحج أحب إلي ، وقال أشهب : فإن لم يفرد فالقران أولى من التمتع ، إلا أن يكون قدومه وقد بقي بينه وبين الحج طول يشتد عليه القيام ، فالتمتع أولى من الإفراد .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : التمتع أولى من الإفراد والقران إن لم يشتد ذلك عليه ؛ للحديث والقياس .

                                                                                                                                                                                        فأما الحديث فيه : قوله - صلى الله عليه وسلم - : "من لم يكن معه هدي فليحل ، وليجعلها عمرة ، قالوا : يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : بل للأبد . ثم قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة" . اجتمع عليه البخاري ومسلم .

                                                                                                                                                                                        فتضمن الحديث ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                        أحدها : أمره - صلى الله عليه وسلم - أن ينتقلوا من غير التمتع إلى التمتع ، ومعلوم أنه لا [ ص: 1150 ] ينقلهم من أفضل إلى أدنى .

                                                                                                                                                                                        والثاني : أن إحرامه ومحله غير التمتع لم يكن بتوقيف من الله تعالى لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة" ولا يقول ذلك فيما فعله بتوقيف من الله .

                                                                                                                                                                                        والثالث : أن إخباره أن هذا أفضل مما كان فيه ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة" .

                                                                                                                                                                                        وأما القياس فإنه لا يختلف أن قربتين أفضل من واحدة ، وأن التمتع قد يقرب بقربتين ؛ لأن جميعهما مكتوب له ، وأن المفرد لم يأت إلا بقربة .

                                                                                                                                                                                        وبان بهذا أيضا : أن المتمتع أفضل من القارن ؛ لأن القارن لا يأتي إلا بعمل واحد .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية