الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في موالاة السعي بين الصفا والمروة بعد الطواف]

                                                                                                                                                                                        السعي بين الصفا والمروة في الحج مرة واحدة ، يؤتى به عقب طواف القدوم ، ثم لا سعي فيما بعد ذلك إذا طاف للإفاضة أو للوداع . ومن لم يطف للقدوم لأنه مراهق ، أو تركه متعمدا - أتى به عقب طواف الإفاضة . فمن لم يأت به عقب طواف الإفاضة ، وأتى به عقب طواف الوداع - أجزأه عند مالك ؛ لأنه يرى أن طواف التطوع في الحج يجزئ عن الواجب . ولا يجزئ عند محمد بن عبد الحكم .

                                                                                                                                                                                        وكذلك في العمرة : أن يؤتى به مرة واحدة بعد الطواف ، فإن لم يأت به حتى أصاب النساء ؛ كان قد أفسد عمرته . ومن أتى بالسعي في الحج أو العمرة قبل الطواف ، ثم أعقبه بالطواف لم يجزئه ، وكان بمنزلة من لم يسع . [ ص: 1199 ]

                                                                                                                                                                                        والسعي بين الصفا والمروة سبع ، ويبتدئ بالصفا ويختم بالمروة وإذا وقف على الصفا أربعا وعلى المروة أربعا ؛ كان الذي بينهما سبعا ، وإن بدأ بالمروة زاد شوطا .

                                                                                                                                                                                        ويستحب أن يقف على الصفا والمروة في موضع يرى منه البيت ، ويستقبل البيت في حين وقوفه ، فإن وقف أسفل أجزأه ، ويكون قائما ، إلا من له عذر من مرض لا يستطيع معه القيام ، فلا بأس أن يكون جالسا . وإن جلس مع القدرة على القيام أجزأه . والنساء في ذلك كالرجال ، إلا أنهن يقمن أسفل ذلك ، ولا يخالطهن الرجال . فإن لم يكن هناك رجال فالأعلى أفضل . وإذا وقف الواقف هناك استفتح بذكر الله بالتكبير والحمد والثناء ، ثم الدعاء .

                                                                                                                                                                                        واختلف في رفع اليدين حين الدعاء ، وذلك واسع ؛ بجعل بطونهما إلى الأرض وظهورهما إلى السماء وهو الرهب ، أو بجعل بطونهما إلى السماء وظهورهما إلى الأرض وهو الرغب . ولا يجعلهما قائمتين كما يفعل في الإحرام في الصلاة .

                                                                                                                                                                                        وإذا نزل من الصفا فأتى بطن الوادي سعى حتى يخرج منه . واختلف في أصل ذلك السعي ، فقيل : الأصل فيه : هاجر ، لما تركها إبراهيم عليه الصلاة والسلام وإسماعيل ، ولم يكن بالموضع ماء ، فعطش إسماعيل عليه [ ص: 1200 ] الصلاة والسلام ، فصعدت الصفا لتنظر هل بالموضع ماء ، فلم تر شيئا ، فنزلت وسعت في بطن السيل حتى أتت المروة ، فوقفت بمثل ذلك ، وذكر الترمذي عن ابن عباس : "أن ذلك كان ليري المشركين قوته" .

                                                                                                                                                                                        تم كتاب الحج الأول [ ص: 1201 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية