الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الجاسوس من مسلم أو حربي]

                                                                                                                                                                                        وإن قدم حربي بأمان ، ثم علم أنه عين لأهل الحرب ؛ سقط ما كان له من الأمان ، وكان الإمام فيه بالخيار بين القتل والاسترقاق . [ ص: 1364 ]

                                                                                                                                                                                        قال سحنون : ولا خمس فيه ، إلا أن يسلم فلا يقتل ، ويبقى كأسير أسلم .

                                                                                                                                                                                        وإن علم من ذمي عندنا أنه عين لهم يكاتبهم بأمر المسلمين ؛ فلا عهد له ، وقال سحنون : يقتل ليكون نكالا لهم . يريد : إلا أن يرى الإمام استرقاقه .

                                                                                                                                                                                        واختلف في المسلم يظهر عليه أنه جاسوس على المسلمين على خمسة أقاويل : فقال مالك في العتبية : ما سمعت فيه شيئا ، وليجتهد فيه الإمام .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن وهب : يقتل ، إلا أن يتوب .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : يقتل ، ولا أعرف لهذا توبة . وقاله سحنون .

                                                                                                                                                                                        وقال عبد الملك في كتاب محمد : إن ظن به الجهل وعرف بالغفلة ، وأن مثله لا عذر عنده ، وكان منه المرة ، وليس من أهل الطعن على الإسلام ؛ فلينكل . وإن كان معتادا ؛ قتل .

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون : قال بعض أصحابنا : يجلد جلدا منكلا ، ويطال حبسه ، وينفى من موضع يقرب فيه من المشركين . [ ص: 1365 ]

                                                                                                                                                                                        وقول مالك ذلك إلى اجتهاد الإمام حسن .

                                                                                                                                                                                        وإن علم به قبل أن يعود إلى أهل الحرب أو بعد أن أعلمهم ، وعلم الناس بحركة أهل الحرب ، وأخذوا حذرهم ، فامتنع العدو من الإتيان ؛ لم يقتل ، وعوقب . فإن خشي عليه إن خلي أن يعود لمثل ذلك ؛ خلد في السجن .

                                                                                                                                                                                        وإن علم به بعد أن قتل العدو من المسلمين ؛ قتل ، إلا أن يعلم أن العدو كان زاحفا قبل قوله ، ولم يؤثر قوله في قتل ولا غيره ؛ لم يقتل .

                                                                                                                                                                                        وإن كان دله على موضع ؛ كان منه الوهن على المسلمين باستباحته أو قتل من قتل بسببه ، وإن لم يستباحوا ؛ قتل . وكذلك إذا تجسس للعدو في عسكر المسلمين ، فإن أدى فعله إلى قتل ، قتل ، وإلا لم يقتل . [ ص: 1366 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية