فصل [فيما يجوز الفداء به]
ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "لا يبقين دينان بجزيرة العرب" . يريد : إخراج أهل الكفر منها ، أهل كتاب كانوا أو غيرهم .
وأجلى عمر - رضي الله عنه - أهل خيبر إلى تيماء وأريحا ، وأجلى أهل نجران وفدك ، وأجلى النصارى ، وذكر الطبري أنه كان لا يدع اليهود والنصارى والمجوس يمكثون بالمدينة إلا ثلاثة أيام ، قدر ما يبيعون سلعهم .
واختلف في العبيد : قال عيسى بن دينار : يخرجون كالأحرار . قيل له : فما [ ص: 1458 ] بال أبي لؤلؤة ؟ قال : قد أراد عمر - رضي الله عنه - إخراجه مع من أخرج ، حتى طلب إليه ناس من الصحابة أن يقره لرفقه بالأعمال ، ولحاجة الناس إليه ، وقال يحيى بن مزين : لا يخرج العبيد . قال : وإنما كره عمر- رضي الله عنه - أبا لؤلؤة ومثله من الأعاجم لغوائلهم ، وللذي كان .
والخلف في منتهى جزيرة العرب : فقال مالك : مكة والمدينة واليمن وأرض العرب .
وقال الطبري في تهذيب الآثار : قال معمر بن المثنى : جزيرة العرب ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول ، والعرض ما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة .
وقال الأصمعي : هي ما بين أقصى عدن إلى ريف العراق في الطول ، والعرض من جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام .
قال الطبري : والصواب عندي أن ابتداءها طولا مما يلي العراق وما جزر عنه بحر البصرة من الأرض من حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن . والعرض ما جزر عنه هذا البحر بحر البصرة من جدة إلى أداني أرض الشام ، قال : وإنما قيل لها جزيرة العرب تعريفا وفرقا بينها وبين سائر الجزائر غيرها ، وإنما قيل لها جزيرة لانقطاع ما كان قابضا عليها من ماء البحر عنها ، ولذلك سمي الجزر الذي يكون بنهر البصرة بعقب المد فيه جزرا .
وأصل الجزر في كلام العرب : القطع ، ومنه سمي الجزار . [ ص: 1459 ]
وقال : إنما ترك عمر من بأطراف العراق والشام ضرورة لعمارة الأرض ؛ لأنهم كانوا مشاغيل بالحرث ، ولو أجلوا عنها خربت الأرضون .
[باب الحكم في الخوارج] .
[تم كتاب الجهاد بحمد الله وعونه
وصلى الله على محمد نبيه وسلم تسليما]


