فصل [في أنواع ذكاة الإنسي] 
ذكاة الإنسي عند  مالك  على ثلاثة أوجه: ذبح، ونحر، وبالخيار بين الذبح والنحر. 
فذكاة الغنم والطير والنعام بالذبح، فإن نحرت; لم تؤكل. وذكاة الإبل بالنحر، فإن ذبحت; لم تؤكل. وذكاة البقر بالذبح والنحر ، المذكي لها بالخيار . 
وأجاز  عبد العزيز بن أبي سلمة  ذبح الإبل، ونحر الغنم والطير. وقال  [ ص: 1514 ]  أشهب  في مدونته: إذا ذبح ما ينحر أو نحر ما يذبح;  أكل إذا فعل، وبئس ما صنع . وقال ابن بكير   : يؤكل البعير بالذبح، ولا تؤكل الشاة بالنحر . 
فأجاز  مالك  في البقر الذبح ; لقول الله تعالى: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة   [البقرة 67] ، والنحر ; لحديث  عائشة   - رضي الله عنها -، قالت: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه البقر  .واتبع في الإبل والغنم والطير العمل أن الشأن في هذه النحر، وفي هذه الذبح . وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نحر في حجة الوداع بضعا وستين من الإبل، ونحر  علي   - رضي الله عنه - ما غبر . وقال  لأبي بردة بن نيار  في جذعة من المعز:  "اذبحها. . ." الحديث . وقال الله -عز وجل-: وفديناه بذبح عظيم   [ ص: 1515 ]  [الصافات: 17]. والذبح: ما يذبح، وقد كان كبشا. ورأى ابن أبي سلمة   وأشهب  أن النحر والذبح ذكاة يسد بعضها مسد بعض، قياسا على ذكاة البقر ; لأنه كله حيوان إنسي. وهو قول  الليث   والشافعي   وأبي حنيفة   وعطاء   وأحمد  وإسحاق   وأبي ثور   . 
ورأى ابن بكير   : أن الذبح ينوب عن النحر; لأنه يأتي على ما يأتي عليه النحر من قطع، ولا يرى النحر يأتي على الذبح; لأن النحر يجتزأ منه بقطع ودج. وفي المبسوط، قال: أمر  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - مناديا ينادي: النحر في الحلق واللبة  . فإذا كان النحر لا يختص بموضع من الحلق ولا بعدد، ويجزئ منه ودج ينهر الدم منه; لم يكن يمنع أكل ما ذبح من الإبل. 
وقال  مالك  في المدونة في الشاة والبعير يقعان في البئر، فلا يستطاع أن ينحر البعير، ولا أن تذبح الشاة، قال: ما اضطروا إليه في مثل ذلك; فعلوا ، فإن ما بين اللبة والمنحر منحر ومذبح. إن ذبح فجائز، وإن نحر فجائز . 
هذا جنوح منه إلى الخلاف في ذلك; لأنه لا تخلو هذه الضرورة من أن تنقل الحكم فيباح في جميع الجسد، كما قال  ابن حبيب   . أو لا تنقل الحكم، فيبقى كل واحد من هذين على أصله.  [ ص: 1516 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					