الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [إن حلف ليهجرنه ثم كلمه]

                                                                                                                                                                                        وإن حلف ليهجرنه، ثم كلمه; لم يحنث، وليس عليه أن يهجره عقيب يمينه، ومتى هجره بعد ذلك بر.

                                                                                                                                                                                        وإن حلف لا يكلمه، فكلمه بعد يمينه حنث; لأنه حلف لا يوجد منه فعل، فمتى وجد منه حنث. والأول حلف ليفعلن في المستقبل، فمتى وجد منه بر.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا حلف ليهجرنه في القدر الذي يبر به، ففي كتاب محمد : يهجره شهرا، وفي العتبية والواضحة تجزئه ثلاثة أيام ; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال" . فأوقع على هذا القدر اسم الهجران; ولأنها مدة تقع بها الوحشة، وفيها تقاطع لمن [ ص: 1727 ] عادتهما الاجتماع كل يوم. وإن كانت عادتهما قلة اللقاء، لم يبر، إلا أن تمر مدة الغالب أنهما يلتقيان فيها، ويريان ذلك تقاطعا.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا حلف ليطيلن هجرانه: فقال محمد : يهجره سنة. وقيل: شهر يجزئه . وقول محمد احتياط، ليس أنه لا يجزئه دون ذلك. فإن كان بينهما مصادقة ومصافاة فالشهر طول وتلحق فيه المشقة. وإن لم يكونا على ذلك فالشهر قليل. ومن حلف ليهجرنه اليوم، فسلم عليه; حنث.

                                                                                                                                                                                        وإن حلف لأهجرنه، فسلم عليه، ووقف عن كلامه; كان على الخلاف، فمن راعى الألفاظ لم يحنثه، ومن راعى المقاصد حنثه; لأن وقوفه عن بعض عادته هجران.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية