الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن حلف ليفلعن شيئا في وقت ففعله قبله، وما يتعلق بذلك

                                                                                                                                                                                        وقال مالك ، فيمن حلف ليقضين فلانا حقه غدا، فقضاه اليوم: لم يحنث. وإن حلف ليأكلن هذا الطعام غدا، فأكله اليوم، حنث .

                                                                                                                                                                                        وقد قيل فيمن حلف على طعام لا يأكله غدا فأكله اليوم لم يحنث، يريد: أنه لم يرد ألا يأكل اليوم ولا بعد غد، وإنما كان القصد بذلك غدا وهو في المحلوف عليه، فحمله في القضاء على المقاصد، أنه لا يلد، ولا يؤخره عن غد، وفي الطعام على موجب اللفظ.

                                                                                                                                                                                        ولو كان مريضا سئل في أكل الطعام اليوم، فحلف ليأكلنه غدا، ثم أكله اليوم، لم يحنث. ولو كان قصده في القضاء المطل به لغد، فعجله اليوم، حنث.

                                                                                                                                                                                        ومن حلف ألا يتعشى، فشرب لبنا أو سويقا; حنث. قال محمد : وإن شرب نبيذا، لم يحنث، وإن تسحر، لم يحنث يريد: إذا تسحر من آخر الليل.

                                                                                                                                                                                        وقال فيمن أتى امرأته بحيتان، فسخطته، فقال لها : أنت طالق إن [ ص: 1747 ] اشتريت لحما ولا حيتانا ثلاثة أشهر. فأراد أن يشتري لحما أو حيتانا في الغداء; لم يحنث يريد: إذا حلف أن لا يشتريه عشاء. قال: وكذلك، لو كساها قرقل كتان، فسخطته، فقال: أنت طالق إن كسوتك قرقل كتان سنة، فكساها قرقل خز، ولا نية له في أحسن، ولا غيره، لم يحنث .

                                                                                                                                                                                        وأرى إن أراد التضييق حنث، وإن أراد ألا يأتيها بدنيء لم يحنث. وإن كان الأول مما يمتهن في الدار، فاشترى ما يرفع للتصرف، لم يحنث.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك فيمن جاء لزوجته بزيت، فسخطته، فحلف ليلقينه في البلاعة، فألقاه دونها، لم يحنث; لأن قصده إتلافه . [ ص: 1748 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية