الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن حلف ألا يفعل شيئا ففعله ، هل يتكرر عليه الحنث إن عاود الفعل، أو حلف لا فعله ما دام بموضع كذا، فانتقل عنه، ثم عاد; هل تسقط اليمين؟ أو ادعى أنه أراد بعض الصنف الذي حلف عليه ، أو نوى أجلا

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم ، فيمن حلف لا أكلم فلانا عشرة أيام، فكلمه مرة بعد مرة، لم يحنث، إلا بأول مرة. وسواء كفر حين كلمه أول مرة، أو لم يكفر .

                                                                                                                                                                                        قال محمد : وليس يبر أحد، ولا يحنث إلا مرة واحدة، وتسقط يمينه، إلا أن ينوي كلما، وكذلك يمينه: لا خرجت زوجته، إلا أن يريد: كلما خرجت .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك ، فيمن حلف بصدقة دينار إن نام قبل أن يوتر، فنام قبل أن يوتر، فلزمه ذلك، ثم نام بعد ذلك. قال: ما رأيت أحدا يفعل هذا يريد: مرة، وذلك عليه كلما فعل .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد فيمن حلف، لا كلمتك ما دمت بمصر فسافر المحلوف عليه إلى الحج، ثم رجع إلى مصر، فكلمه: فلا شيء عليه. قال: وكذلك إن قال: إن دخلت عليك ما دمت في هذا المنزل، فانتقلت، ثم عادت، فدخل عليها، لم يحنث . [ ص: 1751 ]

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في كتاب ابنه، فيمن حلف لا يشرب نبيذا إلى سنة ما دام بطرابلس فأقام أشهرا، فسافر ، ثم عاد إلى طرابلس، قال: يبني على الأشهر الأولى حتى يتم سنة لا يشرب، وإلا حنث ; لأن مقصد هذا الصبر إلى سنة، وإن لم يقم.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم ، فيمن حلف بطلاق امرأته: لا بنى بها، حتى يوفيها صداقها، فطلقها قبل البناء واحدة، وأخذت نصف الصداق، ثم تزوجها بأقل من الصداق الأول، قال: فما كان يرجع في تزويجه على بقية طلاق الملك الأول، فهو حانث، وإن أبتها، ثم نكحها بعد زوج; فلا شيء عليه .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون في الواضحة، فيمن حلف ليكسون أمته جبة صوف، ففعل ثم ندم، فإن نوى وقتا; أبقاها إليه، وإن لم ينو; حمل على بساط يمينه، فإن كان عندما طلبت قميصا; لم يبر حتى يأتي وقت الكسوة المؤتنفة. وإن كانت يمينه على وجه الأدب، فإذا أسبغها بها، وأقامت عليها، حتى علم ذلك، فلا شيء عليه في زوالها . [ ص: 1752 ]

                                                                                                                                                                                        ومن حلف لا يشتري ثوبا فاشترى ثوب وشي، حنث إن لم تكن له نية، إلا أن يكون يمينه بالطلاق. فإن كانت يمينه بالطلاق، وعليه بينة فلا ينوي. وكذلك، إن حلف لا دخلت هذه الدار. وقال: نويت شهرا. فإن كانت يمينه بالطلاق، وعليه بينة لم ينو، ولا شيء عليه فيما بينه وبين الله تعالى. وإن كانت لا بينة عليه، أو كانت يمينه بما لا يقضى عليه بها صدق. [ ص: 1753 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية