الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في طرو ما يوجب الفسخ]

                                                                                                                                                                                        ومن تزوج تزويجا صحيحا ثم طرأ ما يوجب الفسخ، فإن كان ذلك الفسخ لا سبب فيه لأحد الزوجين، أو كان سببه الزوجة وحدها، أو كان برضا من الزوجين لم يكن لها صداق. وإن كان سببه الزوج وحده، ثبت الصداق تارة، وتارة يسقط. وذلك يتصور في ملك أحد الزوجين الآخر، وفي الارتداد والرضاع ونكاح الأم على البنت، أو البنت على الأم: إذا دخل بالثانية قبل الأولى، وإذا أسلم على أختين أو على أكثر من أربع، أو تزوج امرأة ثم أنكره الولي فملك أحد الزوجين الآخر، فسخ، ولا صداق فيه. وإن كان الزوج المشتري لها كان رضا من السيد بإسقاط الصداق. وإن كانت الزوجة هي المشترية، كان ذلك رضا منها.

                                                                                                                                                                                        قال مالك : فإن باعها من غير زوجها، كان الصداق للبائع ، ويلزم على قول ابن القاسم أن يكون لها; لأنه قال: إذا لم يبعها; ليس للسيد أن ينتزعه، ولكن يجهزها به كما تجهز المرأة بمهرها، فإذا كان ذلك حقا للزوج لم يسقط بالبيع. وفرق في كتاب محمد وجعله للسيد البائع، بخلاف إذا لم يبع. ولا فرق بينهما.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد : ليس عليه أن يجهزها بصداقها. [ ص: 1955 ]

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ مثل ذلك: إذا كان زوجها عبده، فإن كان أجنبيا، أو عبدا لغيره، جهزت به. وإذا كان الصداق للبائع فباعها بعد ذلك المشتري من زوجها، كان على البائع الأول أن يغرم للزوج الصداق; لأن النكاح انفسخ.

                                                                                                                                                                                        وإن ارتدت الزوجة قبل البناء فلا شيء لها، وسواء ذلك على القول أن الارتداد فسخ أو طلاق; لأن منع تسليم المبيع وما يستحق عنه العوض منها، وإن ارتد الزوج وحده- كان لها نصف الصداق على القول إنه طلاق. ويختلف على القول إنه فسخ. فقال مالك في المبسوط: لها نصف الصداق، وقال عبد الملك: لا شيء لها، وأنكر قول مالك ، وقال: إنما يكون الصداق أبدا حيث يكون الطلاق. والأول أحسن; لأن الامتناع من قبض المبيع جاء من قبله فلا يراعى هل ذلك فسخ أو طلاق؟ وفي كتاب محمد : إذا قتل السيد أمته قبل البناء، فله الصداق. وعلى هذا يكون للحرة إذا قتلت نفسها، الصداق، وهذا مثل قوله في المدونة: إذا باع السيد أمته في موضع لا يقدر الزوج على جماعها، فله الصداق. ولا أرى للزوجة في جميع ذلك شيئا إذا كان الامتناع منها أو من السيد إن كانت أمة .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية