الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في أحكام نكاح التفويض]

                                                                                                                                                                                        نكاح التفويض على ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                        جائز: وهو ما كان التفويض فيه إلى الزوج، أو عقد ولم يذكر الصداق، ولا أسقط.

                                                                                                                                                                                        وفاسد: وهو ما دخل فيه على رفع الخيار، وعلى أن ما فرض من فوض إليه لزم قليلا أو كثيرا.

                                                                                                                                                                                        ومختلف فيه: وهو أن يكون التفويض إلى الزوجة أو إلى وليها أو أجنبي من الناس، أو يقول: أتزوجك على حكمي، أو حكمك، أو حكم وليك، أو حكم فلان، فهذا يمنع ابتداء، فإن نزل مضى عند مالك. وقال سحنون: قال غيره: يفسخ إذا لم يفت بالدخول. وقال عبد الملك في كتاب محمد: يجوز على حكمه، ولا يجوز على حكمها، وإطلاق العقد يقتضي الفساد، إلا بمهر [ ص: 1982 ] كان الحكم من زوج أو زوجة أو ولي؛ لأن مقتضى الحكم رفع الخيار، وذلك فاسد، إلا أن تكون العادة بقاء الخيار لمن يحكم عليه.

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول: إنه يمضي على ثلاثة أقوال: فذكر ابن حبيب عن ابن القاسم وابن الحكم وأصبغ: أن الفرض يرجع إلى الزوج، وسواء جعل الحكم إليه، أو إليها، أو إلى أجنبي. وعن أشهب وعبد الملك مثل ذلك، إذا كان الأمر بيد الزوج أو بيد أجنبي، وإن كان الأمر بيدها لم يلزمها، وإن كان فرض صداق المثل.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد: إن رضيت بما حكم أو رضي بما حكمت أو رضيا بما حكم فلان، وإلا فرق بينهما. واتفقت هذه الأقوال إذا كان الأمر بيد غير الزوج ألا يلزم الزوج ما فرضت، ولا ما فرض فلان، وإنما الاختلاف: هل يعود الأمر إلى الزوج، أو لا يلزم من الصداق إلا ما تراضيا عليه؟ وليس القول بعودة ذلك إلى الزوج ببين؛ لأنه غير ما عقدا عليه، ولها أن تقول: لا أرضى بصداق المثل إن فرضه الزوج؛ لأني إنما تزوجت على حكمي، وحكمي كذا وكذا، فإن رضي، وإلا فارق.

                                                                                                                                                                                        وإن دخلا على حكم فلان فقالت: لا أرضى إلا بمن رضينا به، فقد يفرض لي أكثر من ذلك. فأما إن دخلا على حكم فلان ففرض صداق المثل [ ص: 1983 ] - لزمهما: لأنه وكيل له على الشراء، ولها على البيع، فإذا باع لها واشتراه له بالقيمة- لزمهما. وإن اشترى بأكثر خير وحده، وإن باع بأقل خيرت وحدها، إلا أن تكون المغابنة الشيء اليسير عليه، أو عليها فيلزمها: لأن المغابنة اليسيرة تلزم من وكله من بائع أو مشتر. وإن دخل على حكمها ففرضت صداق المثل فأقل، لزمه. وإن فرضت أكثر كان بالخيار. [ ص: 1984 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية