وأما السفر للتعريف بغير عرفة   فلا نزاع بين المسلمين أنه من الضلالات ، لا سيما إذا كان بمشهد مثل قبر نبي أو رجل صالح أو بعض أهل البيت ، فإن السفر إلى ذلك لغير التعريف منهي عنه عند جمهور العلماء من الأئمة وأتباعهم . كما قال - صلى الله عليه وسلم - :  "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام  ، والمسجد الأقصى  ، ومسجدي هذا"  . وقد رأى بصرة بن أبي بصرة الغفاري   أبا هريرة   [ ص: 366 ] راجعا من زيارة الطور  فقال : لو رأيتك قبل أن تزوره لم تزره ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام  ، والمسجد الأقصى  ، ومسجدي هذا"  . 
[وقد] قال من قال من هؤلاء  كأبي الوفاء ابن عقيل  وغيره : إن المسافر لمجرد الزيارة لبعض المشاهد لا يقصر الصلاة لأنه عاص بسفره ، وإنما رخص في هذا السفر طائفة من المتأخرين ، ولكن الزيارة المشروعة إذا اجتاز الرجل بالقبور أو خرج إلى ما يجاوره من القبور كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلى البقيع  ، وكما زار قبر أمه لما اجتاز بها في غزوة الفتح . وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال :  "استأذنت ربي أن أزور قبر أمي; فأذن لي ، واستأذنته في أن أستغفر لها; فلم يأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة"  . 
وكان - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم :  "السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم"  . 
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :  "ما من رجل يمر بقبر الرجل  [ ص: 367 ] كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام"  . 
				
						
						
