المسألة الثانية : كيفية النسيء    : ثلاثة أقوال : 
الأول : عن  ابن عباس  أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني  كان يوافي الموسم كل عام ، فينادي : ألا إن أبا ثمامة  لا يعاب ولا يجاب ، ألا وإن صفرا العام الأول حلال ، فنحرمه عاما ، ونحله عاما ، وكانوا مع هوازن  وغطفان  وبني سليم    . وفي لفظة أنه كان يقول : إنا قدمنا المحرم وأخرنا صفرا ، ثم يأتي العام الثاني فيقول : إنا حرمنا صفرا وأخرنا المحرم ; فهو هذا التأخير . 
الثاني : الزيادة ; قال  قتادة    : عمد قوم من أهل الضلالة فزادوا صفرا في الأشهر الحرم ، فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول : ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرم ، فيحرمونه ذلك العام ، ثم يقوم في العام المقبل فيقول : ألا إن آلهتكم قد حرمت صفرا فيحرمونه ذلك العام ، ويقولون : الصفران . 
 [ ص: 503 ] وروى  ابن وهب  ، وابن القاسم  عن  مالك  نحوه قال : كان أهل الجاهلية يجعلونه صفرين ، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا صفر   } . 
وكذلك روى أشهب  عنه . 
الثالث : تبديل الحج ; قال  مجاهد  بإسناد آخر : إنما النسيء زيادة في الكفر . 
قال : حجوا في ذي الحجة عامين ، ثم حجوا في المحرم عامين ، ثم حجوا في صفر عامين ، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين حتى وافت حجة أبي بكر  في ذي القعدة ، ثم حج النبي في ذي الحجة ، فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبته : { إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض   } . رواه  ابن عباس  وغيره ، واللفظ له قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيها الناس ، اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم . وقد بلغت ، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ، ولكم رءوس أموالكم ، لا تظلمون ولا تظلمون ، قضى الله أن لا ربا ، وإن ربا  عباس بن عبد المطلب  موضوع كله ، وإن كل دم في الجاهلية موضوع ، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب  ، كان مسترضعا في بني ليث  فقتلته هذيل  ، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . أما بعد ، أيها الناس ، فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فقد رضي به ، فاحذروه أيها الناس على دينكم ، وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا إلى قوله ما حرم الله . وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ; ثلاث متواليات ، ورجب مضر  الذي بين جمادى وشعبان .   } 
وذكر سائر الحديث . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					