المسألة التاسعة : المؤلفة قلوبهم : فيه أربعة أقوال :
الأول : من قال : إنهم مسلمون يعطون لضعف يقينهم [ حتى يقووا ] ، مثلهم بأبي سفيان بن حرب ، والأقرع بن حابس ، والعباس بن مرداس .
ومن قال : إنهم كفار مثلهم بعامر بن الطفيل .
ومن قال : إنهم كانوا مسلمين ولهم إلى الإسلام ميل مثلهم بصفوان بن أمية .
الثاني : قال يحيى بن أبي كثير : المؤلفة قلوبهم من بني أمية : أبو سفيان بن حرب ، ومن بني مخزوم الحارث بن هشام ، وعبد الرحمن بن يربوع .
ومن بني جمح صفوان بن أمية .
ومن بني عامر بن لؤي سهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى .
ومن بني أسد بن عبد العزى حكيم بن حزام .
ومن بني هاشم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب .
[ ص: 526 ] ومن بني فزارة عيينة بن حصن بن بدر .
ومن بني تميم الأقرع بن حابس .
ومن بني نصر مالك بن عوف .
ومن بني سليم العباس بن مرداس .
ومن ثقيف العلاء بن حارثة .
الثالث : روى ابن وهب عن مالك قال : كان صفوان بن أمية ، وحكيم بن حزام ، والأقرع بن حابس ، وعيينة بن بدر ، وسهيل بن عمرو ، وأبو سفيان من المؤلفة قلوبهم .
وكان صفوان يوم العطية مشركا .
وقال أصبغ عن ابن القاسم : المؤلفة قلوبهم صفوان بن أمية ، ورجال من قريش .
الرابع : قال الشيخ أبو إسحاق : المؤلفة قلوبهم : أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، ومعاوية ابنه ، وحكيم بن حزام ، والحارث بن الحارث بن كلدة ; والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى ، والمعلى بن حارثة الثقفي ، وعيينة بن حصن ، ومالك بن عوف ، وصفوان بن أمية ، ومخرمة بن نوفل ، وعمير بن وهب بن خلف الجمحي ، وهشام بن عمرو ، وسعد بن يربوع ، وعدي بن قيس السهمي ، والعباس بن مرداس ، وطليق بن أمية ، وخالد بن أسيد بن أبي العيص ، وشيبة بن عثمان ، وأبو السنابل بن بعكك ، وعكرمة بن سفيان بن عامر ، وزهير بن أبي أمية ، وخالد بن هشام ، وهشام بن الوليد بن المغيرة ، وسفيان بن عبد الأسد ، والسائب بن أبي السائب ، ومطيع بن الأسود ، وأبو جهم بن حذيفة بن غانم ، وأحيحة بن أمية بن خلف الجمحي ، وعدي بن قيس ، ونوفل بن معاوية بن عروة ، وعلقمة بن علاثة ، ولبيد بن ربيعة بن مالك ، وخالد بن هوذة بن ربيعة ، وحرملة بن هوذة بن ربيعة ، والأقرع بن حابس بن عقال ، وقيس بن مخرمة ، وجبير بن مطعم بن عدي ، وهشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب .
قال القاضي رضي الله عنه : أما أبو سفيان بن حرب فلا شك فيه ولا في ابنه .
وأما حكيم بن حزام فعظيم القدر في الإسلام .
قال مالك : إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة قلوبهم فحسن إسلامهم .
[ ص: 527 ] قال مالك : وبلغني أن حكيم بن حزام أخرج ما كان أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم في المؤلفة ، فتصدق بعد ذلك به .
وأما الحارث بن الحارث بن كلدة فهو ابن طبيب العرب وكان منهم .
ولا خفاء بعيينة ولا بمالك بن عوف سيد هوازن .
وأما سهيل بن عمرو فرجل عظيم ، إن كان مؤلفا بالعطية فلم يمت النبي صلى الله عليه وسلم إلا ، وهو مؤلف على الإسلام باليقين ; فإنه لما استأثر الله برسوله ، وبلغ الخبر إلى مكة ماج أهل مكة ، فقام سهيل بن عمرو خطيبا ، فقال : والله إني لأعلم أن هذا الأمر سيمتد امتداد الشمس في طلوعها إلى غروبها ، فلا يغرنكم هذا من أنفسكم يعني أبا سفيان .
وروي عنه أنه حبس على باب عمر ، فأذن لأهل بدر وصهيب ونوعه .
فقال له أبو سفيان ، ومشيخة قريش : يأذن للعبيد ويذرنا ، فقال سهيل بن عمرو : دعيتم فأجابوا ، وأسرعوا وأبطأتم ، أما والله لما سبقوكم به من الفضل أشد عليكم من هذا الذي تنافسون فيه ; إلى أمثال هذا الخبر ، مما يدل على قوة البصيرة في الدين والبصر .
وأما حويطب بن عبد العزى فلم يثبت عندي أمره ، إنما هو من مسلمة الفتح ، واستقرض منه النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألف درهم ، وصح دينه ويقينه .
وأما مخرمة بن نوفل بن أمية بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب فأمه رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف ، والد المسور بن مخرمة ، حسن إسلامه ، وهو الذي نصب أعلام الحرم لعمر مع حويطب بن عبد العزى ، { وهو الذي خبأ له النبي صلى الله عليه وسلم القثاء ، فقال : خبأت هذا لك ، خبأت هذا لك } .
وأما عمير بن وهب بن خلف أبو أمية الجمحي فليس منهم ، مسلم حنيفي ، أما إنه كان من أشدهم عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء لقتله بما شرط له صفوان بن أمية ، فلما دخل المسجد دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان بينه وبين صفوان ، فأسلم ، وحديثه طويل .
وأما هشام بن عمرو فلا أعرف .
[ ص: 528 ] وأما الحارث بن هشام فكان في أول أمره كأبي جهل بن هشام ; وهي شنشنة أعرفها من أخزم ، ومن يشبه أخاه فلم يظلم .
حسن إسلامه ، وكان بالمسك ختامه .
وأما سعيد بن يربوع فهو الملقب بالصرم ، مخزومي قال له النبي صلى الله عليه وسلم : { أينا أكبر ؟ قال : أنا أقدم منك ، وأنت أكبر وخير مني } ، ولم أعلم تأليفه .
وأما عدي بن قيس فلم أعرفه .
وأما العباس بن مرداس فكبير قومه ، حسن إسلامه ، وخبره مشهور .
وأما طليق بن سفيان ، وابنه حكيم ; فهو وابنه مذكوران في المؤلفة قلوبهم .
وأما خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية فلا أعرف قصته .
{ وأما شيبة بن عثمان فكان في نفسه شيء ، ثم أراد أن يقتل النبي صلى الله عليه وسلم فلما دنا منهم عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه ، فلما دنا منه أخذه أفكل ، فمسح صدره فأسلم وحسن إسلامه } .
وأما أبو السنابل بن بعكك العبدري فهو من مسلمة الفتح ، واسمه حبة ; لا أعرفه .
وأما عكرمة بن عامر فلا أعرفه ، أما إنه من بني عبد الدار ، ولست أحصل .
وأما زهير بن أمية ، وخالد بن هشام فلا أعرفهما .
وأما هشام بن الوليد فهو أخو خالد بن الوليد .
وأما سفيان بن عبد الأسد فلا أعرفه .
وأما أبو السائب فلم يكن منهم .
وأما مطيع بن الأسود فلست أعلم .
وأما أبو جهم بن حذيفة بن غانم من بني عدي ، واسمه عامر ، فلا أعرفه منهم ، على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه في الصحيح : { وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه } [ ص: 529 ] رواه النسائي . وقال فيه : { وأما أبو جهم بشر لا خير فيه } وربك أعلم .
وأما أحيحة فهو أخو صفوان بن أمية لا أعرف .
وأما نوفل بن معاوية الديلي فلا أعرفه منهم .
وأما علقمة بن علاثة العامري الكلابي فهو منهم وأسيد بن ربيعة ، وحسن الإسلام عندهما .
وأما خالد بن هوذة فهو والد العداء بن خالد مبايع النبي صلى الله عليه وسلم في العبد أو الأمة ، من بني أنف الناقة ، غير ممدوح .
والحطيئة لا أعرف ، وكذلك أخوه حرملة .
وأما الأقرع بن حابس فمشهور فيهم .
وأما قيس بن مخرمة بن المطلب القرشي المطلبي فلا أعلمه منهم .
وأما جبير بن مطعم فلم يكن منهم .
وأما هشام بن عمرو فلا أعرفه .
وقد عد فيهم زيد الخير الطائي ، وهم أكثر من هذا كله .
استدراك : وأما معاوية فلم يكن منهم ; كيف يكون ذلك ، وقد ائتمنه النبي صلى الله عليه وسلم على وحي الله وقراءته وخلطه بنفسه ، وأما حاله في أيام أبي بكر وعمر فأشهر من هذا وأظهر .
وقد قدمنا أن أصناف المؤلفة قلوبهم مختلفة ; فمنهم ضعيف الإيمان قوي بالأدلة والعطاء ، ولم يكن جميعهم كافرا ; فحصلوا هذا فإنه مهم في القصة .


