قوله تعالى : { ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ    } . 
فيها تسع مسائل :  [ ص: 19 ] 
المسألة الأولى : قد بينا في الرسالة الملجئة إعراب الآية ، وقد قال الطبري    : إنه عمل في " سلام " الأول القول ، كأنه قال : قالوا قولا وسلموا سلاما . وقال  الزجاج    : معناه سلاما . 
قال شيخنا أبو عبد الله المغربي    : إن نصبه على المصدر أظهر وجوهه ; لأنه إن عمل فيه القول كان على معنى السلام ، ولم يكن عمل لفظه ، كأنه أخبر أنه على المعنى ، كما تقول : قلت حقا ، ولم ينطق بالحاء والقاف ، وإنما قلت قولا معناه حق ، وهم إنما تكلموا بسلام ، ولذا أجابهم بالسلام ، وعلى هذا جرى قراءة من قرأ . قال : فإنه يقول أمري سلام ، أجابهم على المعنى . المسألة الثانية : قال علماؤنا قوله :   { قالوا سلاما قال سلام    }    . 
يدل على أن تحية الملائكة هي تحية بني آدم    . 
قال القاضي الإمام    : الصحيح أن " سلاما " هاهنا معنى كلامهم لا لفظه ، وكذلك هو في قوله : { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما    } ، ولو كان لفظ كلامهم سلام عليكم فإنه لم يقصد ذكر اللفظ ، وإنما قصد ذكر المعنى الذي يدل عليه لفظ سلام . ألا ترى أن الله سبحانه لما أراد ذكر اللفظ قال بعينه ، فقال مخبرا عن الملائكة : { سلام عليكم بما صبرتم    } . { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين    } ، وأبدع منه في الدلالة أنه قال : { وتركنا عليهما في الآخرين سلام على موسى وهارون    } . وقال أيضا : { وتركنا عليه في الآخرين سلام على إل ياسين    } . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					