[ ص: 341 ] المسألة الثالثة : قوله : { المحصنات    } 
قد بينا الإحصان وأقسامه في سورة النساء ، وقلنا : إنه ينطلق على الإسلام والحرية والعفة ; ولا خلاف في أن المراد بها العفة هاهنا . 
وشروط القذف عند العلماء  تسعة : شرطان في القاذف ، وشرطان في المقذوف به ، وخمسة في المقذوف . 
فأما الشرطان اللذان في القاذف : فالعقل والبلوغ . 
وأما الشرطان في الشيء المقذوف منه : فهو أن يقذفه بوطء يلزمه فيه الحد ، وهو الزنا أو اللواط ، أو ينفيه من أبيه ، دون سائر المعاصي . 
وأما الخمس التي في المقذوف فهي : العقل ، والبلوغ ، والإسلام ، والحرية ، والعفة عن الفاحشة التي رمي بها كان عفيفا عن غيرها أو لا . 
فأما اشتراط البلوغ والعقل في القاذف ; فلأنهما أصلا التكليف ; إذ التكليف ساقط دونهما ، وإنما شرطناهما في المقذوف وإن لم يكونا في معاني الإحصان لأجل أن الحد إنما وضع للزجر عن الإذاية بالمعرة الداخلة على المقذوف ، ولا معرة على من عدم العقل والبلوغ ; إذ لا يوصف الوطء فيهما ولا منهما بأنه زنا . 
وأما شروط الإسلام فيه ; فلأنه من معاني الإحصان وأشرفها ، كما بيناه من قبل ، ولأن عرض الكافر لا حرمة له يهتكها القذف ، كالفاسق المعلن لا حرمة لعرضه ; بل هو أولى لزيادة الكفر على المعلن بالفسق . 
وأما شرف العفة ; فلأن المعرة لاحقة به ، والحرمة ذاهبة ، وهي مرادة هاهنا إجماعا . 
وأما الحرية فإنما شرطناها لأجل نقصان عرض العبد عن عرض الحر ، بدليل نقصان حرمة دمه عن دمه ; ولذلك لا يقتل الحر بالعبد ، ولا يحد بقذفه ، وقد بيناه في مسائل الخلاف . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					