[ ص: 487 ] الآية الثالثة عشرة
قوله تعالى : { وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون } .
فيها مسألتان :
المسألة الأولى : يروى أنها قالت : إن كان نبيا لم يقبل الهدية ، وإن كان ملكا قبلها .
وفي صفة النبي أنه يقبل الهدية ، ولا يقبل الصدقة . وكذلك كان سليمان ، وجميع الأنبياء يقبلون الهدية .
وإنما جعلت بلقيس قبول الهدية أو ردها علامة على ما في نفسها ; لأنه قال لها في كتابه : { ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين } . وهذا لا تقبل فيه فدية ، ولا تؤخذ عنه هدية .
وليس هذا من الباب الذي تقرر في الشريعة من قبول الهدية بسبيل ; وإنما هي رشوة ، وبيع الحق بالمال هو الرشوة التي لا تحل .
وأما الهدية المطلقة للتحبب والتواصل فإنها جائزة من كل واحد ، وعلى كل حال .
المسألة الثانية :
وهذا ما لم تكن من مشرك ; فإن كانت من مشرك ، ففي الحديث : { نهيت عن زبد المشركين } .
وفي حديث آخر : { لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من ثقفي أو دوسي } .
والصحيح ما ثبت عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها } . [ ص: 488 ] ومن حديث أبي هريرة : { لو دعيت إلى كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت } .
وقد { قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الصيد : هل معكم من لحمه شيء ؟ قلت : نعم . فناولته العضد } .
{ وقد استسقى في دار أنس فحلبت له شاة وشيب وشربه } .
{ وأهدى أبو طلحة له ورك أرنب وفخذيها فقبله } .
{ وأهدت أم حفيد إليه أقطا وسمنا وضبا ، فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن ، وترك الضب } .
وقال في حديث بريرة : { هو عليها صدقة ولنا هدية } . وكان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة .


