الآية الثالثة والعشرون قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها     } . 
فيها ثلاث مسائل : 
المسألة الأولى : روى  أبو هريرة  في الصحيح الثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن موسى  كان رجلا ستيرا حييا ما يرى من جلده شيء استحياء منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل  ، وقالوا : ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده ، إما برص ، وإما أدرة ، وإما آفة ، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا ، وإن موسى  خلا يوما وحده ، وخلع ثيابه ، ووضعها على حجر ، ثم اغتسل . فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها ، وإن الحجر عدا بثوبه ، فأخذ موسى  عصاه ، فطلب الحجر ; فجعل يقول : ثوبي ، حجر ; ثوبي ، حجر ، حتى انتهى إلى ملإ من بني إسرائيل  ، فرأوه عريانا أحسن الناس خلقا ، وأبرأهم مما كانوا يقولون له .  [ ص: 627 ] قال : وقام إلى الحجر ، وأخذ ثوبه فلبسه ، وطفق موسى  بالحجر ضربا بعصاه ، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر عصاه ثلاثا أو أربعا أو خمسا ; فذلك قوله : { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى    } . فهذه إذاية في بدنه   } . 
وقد روى  ابن عباس  عن  علي بن أبي طالب  في المنثور : أن موسى  وهارون  صعدا الجبل فمات هارون  ، فقال بنو إسرائيل  لموسى    : أنت قتلته ، وكان ألين لنا منك ، وأشد حبا ; فآذوه في ذلك ، فأمر الملائكة فحملته ، فمروا به على مجالس بني إسرائيل  ، فتكلمت الملائكة بموته ، فما عرف موضع قبره إلا الرخم ، وإن الله خلقه أصم أبكم ، وهذه إذاية في العرض . 
المسألة الثانية : في هذا النهي عن التشبه ببني إسرائيل  في إذاية نبيهم موسى    : 
وفيه تحقيق الوعد بقوله : { لتركبن سنن من كان قبلكم   } . 
وهي : المسألة الثالثة : فوقع النهي ، تكليفا للخلق ، وتعظيما لقدر الرسول صلى الله عليه وسلم ووقع المنهي عنه تحقيقا للمعجزة ، وتصديقا للنبي صلى الله عليه وسلم وتنفيذا لحكم القضاء والقدر ، وردا على المبتدعة . 
وقد بينا معاني الحديث في كتاب مختصر النيرين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					