[ ص: 123 ] المسألة الثالثة : ثبت كما تقدم أن اليهود  جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له أمر الزانيين . وجملة الأمر أن أهل الكتاب  مصالحون ، وعمدة الصلح ألا يعرض لهم في شيء ، وإن تعرضوا لنا ورفعوا أمرهم إلينا  فلا يخلو أن يكون ما رفعوه ظلما لا يجوز في شريعة ، أو مما تختلف فيه الشريعة ; فإن كان مما لا تختلف فيه الشرائع كالغصب والقتل وشبهه لم يمكن بعضهم من بعض فيه . 
وإذا كان مما تختلف فيه الشرائع ويحكموننا فيه ويتراضوا بحكمنا عليهم فيه فإن الإمام مخير إن شاء أن يحكم بينهم حكم ، وإن شاء أن يعرض عنهم أعرض . قال ابن القاسم    : والأفضل له أن يعرض عنهم . قلت    : وإنما أنفذ النبي صلى الله عليه وسلم الحكم بينهم ، ليحقق تحريفهم وتبديلهم وتكذيبهم وكتمهم ما في التوراة . ومنه صفة النبي صلى الله عليه وسلم والرجم على من زنا منهم . وعنه أخبر الله سبحانه وتعالى بقوله : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير    } فيكون ذلك من آياته الباهرة ، وحججه البينة ، وبراهينه المثبتة للأمة ، المخزية لليهود  والمشركين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					